عنب بلدي – العدد 76 – الأحد 4-8-2013
محمد حسام حلمي
تحدثنا في العدد السابق (75) عن التقرير الصادر عن المركز السوري للبحوث السياسة بالتعاون مع منظمة الأنروا، وتم التركيز على الآثار الاجتماعية والإنسانية في سوريا منذ بدء الثورة. وفي هذا العدد سنسلط الضوء على الآثار الاقتصادية للأزمة، إذ بدأ التقرير بالإشارة إلى حالة النزيف الكامل للصناعة الوطنية وهروب معظم الاستثمارات بسبب الدمار والنهب الحاصل، وأن مجموع الخسائر الاقتصادية خلال العاميين الماضيين بلغت 84.4 مليار دولار أمريكي، أي مايعادل 142% من الناتج الإجمالي لعام 2010، وتحتاج البلد حتى تسترد هذه الخسارة معدل نمو سنوي قدره 5% ولمدة 30 عامًا.
ونلخص في مايلي أهم الأثار الاقتصادية:
1. انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.7% في عام 2011 وبنسبة 28.9% في عام 2012، وتراجع بنسبة 6.8% في الربع الأول من العام الحالي 2013، وسبب هذا التراجع في الناتج المحلي الإجمالي خسارة مقدارها 38.4 مليار دولار.
2. تراجعت الاستثمارات الحكومية بنسبة 75% في حين انخفض استثمار القطاع الخاص بمعدل 81%، وتجدر الإشارة إلى أن الحصة الأكبر في زيادة النفقات العامة تعود إلى زيادة الإنفاق العسكري حيث يقدر حجمه بمبلغ 4.84 مليار دولار.
3. خلال هذه الفترة تراجعت الصادرات بنسبة 75% والواردات بنسبة 60%، في حين انخفض صافي الاحتياطي الأجنبي من 23 مليار دولار إلى 2 مليار دولار أمريكي.
4. بالرغم من أن عجز الميزانية الحكومية، مازال يعتبر مقبولًا وفق المعايير والمؤشرات الدولية، إذ صل إلى نسبة 65% من الناتج المحلي الإجمالي. إلا أنه من المرجح أن يزداد هذا العجز في المستقبل، وخاصة بعد أن فقدت الحكومة مواردها المالية الأساسية من النفط والسياحة والصناعات الحكومية بسبب الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام السوري.
5. وأشار التقرير إلى كيفية تغير هيكلية ومساهمة قطاعات الاقتصاد الوطني بالناتج المحلي الإجمالي، حيث أصبحت الزراعة تحتل المرتبة الأولى، وتعتبر المصدر الرئيسي للقيمة المضافة في البلد، حيث ارتفعت مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من 17% في الربع الأول من عام 2010 إلى نسبة 27% في الربع الأول من العام الحالي 2013. ويعكس هذا التغير والخلل في تركيبة الناتج المحلي الإجمالي حجم التراجع الكبير في قطاع الصناعة والقطاعات الأخرى نتيجة التسرب الكبير والدمار الذي أصاب المنشآت والمؤسسات الصناعية. ويمكن الاطلاع على الجدول المرفق لمزيدة من التفاصيل عن مساهمة كل قطاع بالناتج المحلي الإجمالي.
6. من أهم الآثار الاقتصادية ذات البعد الاجتماعي المباشر، انهيار وتراجع الطلب المحلي للأفراد، كنتيجة لانكماش الناتج المحلي، ففي عام 2012 تراجع الاستهلاك الخاص بنسبة 25.3% بالمقارنة بعام 2011، وبالإضافة إلى تراجعه بنسبة 4.8% في الربع الأول من عام 2013 مقارنة بالعام 2012. وعلى صعيد العمل فقدت الكثير من العائلات السورية مصادر دخلها الرئيسي إما بسبب النزوح الداخلي، أو بسبب فقدان الوظيفة أو فقدان محلاتهم والورش الصغيرة التي يعملون بها، وأدى الدمار الحاصل في ممتلكات الأفراد إلى جانب الممتلكات العامة إلى تدهور المستوى المعيشي للناس، وعلاوة على ذلك أدى الارتفاع الكبير في الأسعار والنقص الحاد في عرض السلع والخدمات إلى زيادة نسبة السكان المهمشين الذين يكافحون الآن فقط للبقاء بعد أن استنفذوا وخسروا معظم مدخراتهم.
إن استمرار تدهور الوضع الإنساني والاقتصادي سيزيد من أعداد ومعاناة الأسر غير القادرة على تأمين احتياجاتها الأساسية من الغذاء والمسكن والصحة والتعليم.