جودي سلام
عنصر في فرع الأمن العسكري 215 بدمشق، متوسط القامة، له بطن كبير، أقرع الرأس، عيناه جاحظتان، يناهز عمره الخمسين، مهمته تفتيش المعتقلات السوريات قبل إدخالهن إلى الزنازين.
لم توجد معتقلة في هذا الفرع إلا وعانت من طريقة التفتيش التي كان هذا العنصر يقوم بها، حتى غدا التفتيش على يديه أصعب من التحقيق (وما يشمله من تعذيب وإهانة)، وجميع آلام الاعتقال وعذاباته.
تقول المعتقلة زينة، إنها أدخلت إلى غرفة فور وصولها الفرع من أجل التفتيش، فدخل العنصر وراءها وأقفل الباب، ما جعلها تشعر بخوف شديد قبل أن يكلمها بأي شيء، ثم طلب منها أن تخلع ملابسها، فقامت زينة بخلع معطفها فقط، فنظر إليها وقال لها «اخلعي كل شيء»، نظرت زينة إليه باستغراب وقالت له «هذا مستحيل»، ليهجم عليها ويدفعها وتدفعه وهو يحاول خلع ملابسها بالقوة، فبدأت بالصراح والاستنجاد ثم مسكت بيده وعضته عضة آلمته، فتراجع وجلس على الكرسي وبدأ يلهث. لكن العنصر لم يتنازل عن رغبته في خلع ملابس زينة بحجة التفتيش، فنادى لعنصرين من خارج الغرفة قاموا بإمساكها وتثبيتها ثم خلعوا ملابسها دون قدرة منها على المقاومة، ليقوم هو بتفتيشها عارية زاعمًا بأنها قد تخفي شيئًا في جسدها.
تقول زينة إنها بقيت مصدومة ومكتئبة لأكثر من شهر على أثر هذا التفتيش، لا سيما وهي تسمع أصوات صراخ النساء الآتية من الغرفة التي خبرتها وعرفت ما يجري بداخلها. حتى المعتقلين الرجال ما كانوا ليحتملوا سماع تلك الأصوات، فكانوا يبدأون بضرب الأبواب غضبًا ما يدفع السجانين لاقتحام الزنزانات وضربهم ضربًا شديدًا.
«ريم» معتقلة أخرى طلب منها نفس العنصر أن تخلع ملابسها، ففعلت ما أمرها به لشدة خوفها، وبعد أن انتهى من تفتيشها جعلها تنتظر عارية لخمس دقائق دون أي سبب سوى أنه أراد المبالغة في إهانتها.
العنصر هذا لا يكتفي بتفتيش النساء عاريات لدواع أمنية –كما يزعم-، بل كان يستهزئ من أجسادهن أثناء التفتيش، كأن يقول لهن: «لماذا لا تخففين من وزنك فهناك ترهلات كثيرة عند بطنك» وعبارات أخرى مهينة لا يمكن ذكرها..
بعد تهافت قصص التفتيش المهينة إلى داخل الزنازين، قررت بعض المعتقلات إخبار رئيس الفرع بما يقوم به هذا العنصر، فما كان من رئيس الفرع إلّا أن قال لهن باستخفاف وبرودة أعصاب: «يجب أن تراعوه، إنه رجل معقد نفسيًا ويعاني من أمراض نفسية، ولا داعي للخوف منه، لن يستطيع اغتصابكن، فهو غير قادر على هذا.»
تقول معتقلة أخرى بقيت أكثر من 20 يومًا في الزنزانة لا تكلم أحدًا من شدة خجلها ومن قساوة ما حصل معها أثناء التفتيش: «ثورتنا مسلحة منذ أكثر من عامين، أظن أن قتل شخص كهذا أهم من تفجير حاجز أو تحرير مدينة، لا أعلم ماذا يفعل الجيش الحر!»
«شرشبيل» اسم أطلقته المعتقلات على هذا الشخص حتى بات متداولًا في الفرع، ليس بين المعتقلات فحسب، بل حتى بين السجانين والمحققين، وهو عنصر واحد في منظومة كاملة تنتهك الأعراض والمحرمات، ليس بعيدًا عن أعين النظام وفي غفلة منه، بل في فرع الأمن العسكري 215 وسط العاصمة دمشق.