عنب بلدي – العدد 76 – الأحد 4-8-2013
عبارة انتشرت عند معظم الحواجز الأمنية في شوارع دمشق الرئيسية.
قد توحي هذه الكلمات لقارئها -للوهلة الأولى- بارتياح ما، ولكن هذه العبارة لا تلغي حقيقة انزعاج الناس من التأخير لمدة تتجاوز الساعة على كل حاجز، بعد أن كان الزمن المطلوب للوصول إلى أية نقطة في دمشق لا يتجاوز الثلث ساعة.
والسبب الرئيسي في هذا التأخير هو تضييق المسارات الذي عمد إليه عناصر الحواجز الأمنية لتصل سيارات المواطنين عبر مسار واحد إلى نقاطهم التفتيشية مع فتحهم لمسار عسكري خاص إلى جانب الطريق لحاملي البطاقات الأمنية.
ومع حلول شهر رمضان باتت الحواجز تشكل حملًا إضافيًا على كاهل المواطنين الذين يعانون أصلًا من حر رمضان وطول نهاره في هذه السنة.
«سامح» طالب جامعي اختصر مشقة الانتظار على الحواجز الأمنية وقرر اللجوء لوسيلة آخرى. يقول: «عدلت عن فكرة التنقل بالمواصلات واستعضت عنها بوسيلة المشي للوصول إلى لجامعة٬ ببساطة المشي أصبح في العاصمة أسرع من أية وسيلة أخرى، وعبورك من الحاجز يعني رحلة مدتها ساعتان وخصوصًا حاجز طلعة القصر الذي يسبب من ازدحامًا على طول جسر الرئيس٬ إضافة لطريقة تعامله السيئة، وأعرف الكثير ممن يتجنبون المرور منه٬ وخاصة إن كانوا من مناطق ثائرة، إذ أن فرصة اعتقالهم عنده كبيرة.
أما «أبو أنس» الذي ترك مهنة القيادة في ظل أزمة المازوت والبنزين وصعوبة المواصلات يقول: «تضييق الطرقات وعجقة المرور واتخاذ إجراءات جديدة تمنع الناس من ركن سياراتهم في بعض الحارات الجانبية في الشام، وخصوصًا لجوء بعض الحواجز في المناطق التي يتواجد فيها أفرع أمنية إلى حجز الطريق للخط العسكري» ما يدل على أن الحواجز وضعت «لحماية أنفسهم وليس المدنيين مثل ما منشوف لافتات عن أمان المواطن وما إلى ذلك.»
أما محمد، الناشط السلمي في «أيام الحرية»، فقد كانت له تجربة مغايرة على أحد الحواجز في منطقة المزة وهو عائدٌ إلى منزله، يقول محمد: «في الأيام الأولى من رمضان، ولدى عودتي إلى المنزل وسط ازدحام مروري خانق نتيجة حاجز مشفى المواساة٬ ومع اقتراب موعد آذان المغرب أصبح عناصر الأمن يوزعون على الناس تمرة ومياه٬ كتب عليها «نأسف لتأخيركم …نحن هنا لحمايتكم… الجيش العربي السوري»، وأضاف محمد قائلًا: «إنهم يستخدمون تكتياكاتنا في الحراك السلمي وأيام الحرية وهي حركة PR والتي تعني (علاقات عامة) ليس أكثر، وبالتالي هي ليست حملة ممنهجة هادفة، وإنما هي محاولات لتحسين صورة الجيش والأمن أمام الناس٬ وأعتقد أن الناس (كاشفينهم) وتلك الحركة لا تبرر تأخير الناس عن بيوتهم».
لم تعد تخفى على السوريين مزاجية الحواجز الأمنية والخروقات التي يمارسها عناصره من نهب وسلب واعتقالات تعسفية، وخصوصًا عند مداخل دمشق، إذ كثر الحديث عنها في المجالس، وتناقلت الناس فيما بينها الممارسات التي تثير استغراب واستياء أهالي دمشق فمنهم من يقول أن بعض الحواجز الأمنية لم تقف مهمتها عند تفتيش المارة وطلب هوياتهم لضمان سلامة المدينة من «الإرهابين»، وإنما أضيفت إليها مهام مراقبة الجباية المالية، إذ تقوم الحواجز أيضًا بالتدقيق على فواتير المياه والكهرباء وأوراق ترسيم السيارات، ليتأكدوا من تسديد المواطن للفواتير المترتبة عليه للدولة، وبدونها لا يستطيع أحد تجاوز الحاجز.
يقول أيهم أنه فوجئ عندما طلب منه حاجز في ركن الدين فاتورة الكهرباء والماء، وشعر كل من في الباص بالذعر٬ ولكن أقناع عنصر الأمن بأن الفواتير باسم والده وأنه ما يزال يسكن مع أهله كان أمرًا عبثيًا، وبعد أن تحقق من كونه مقيمًا في المنطقة مع أهله وبعد طول نقاش سمح له بالمرور.
يبدي أيهم امتعاضه من الموقف الذي تكرر معه في أكثر من شارع داخل دمشق، ويقول: «هذا الشيء غير قانوني، وعناصر الجيش ليس من صلاحيتهم طلب الفواتير، خصوصًا وأن الحكومة تطلب ثمن خدمات حرمنا منها كالكهرباء».
هذا هو حال الحواجز الأمنية في العاصمة دمشق، يقضون ويجبون ويعتقلون ويحكمون ويعيقون ويهينون كما يحلو لهم، ويعبثون بأمن المواطن والوطن تحت شعارات «حماية المواطن والوطن».
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :