أحمد الشامي
لم يكن العميد “أحمد رحال” بعيدًا عن الحقيقة، حين أكد أن الطريقة اﻷمثل لحلف الشر لاستعادة المواقع التي خسرها نظام العصابة هي “استخدام اﻷسلحة النووية”.
لو كان اﻷمر بيد “ظل الشيطان على اﻷرض”، القابع في “الكرملين”، لكان اﻷمر محسومًا ولانهالت قنابل “النيوترون” واﻷسلحة النووية التكتيكية على حلب المحررة وضواحيها، لا فرق بين تلك “المعارضة” وتلك “الموالية”، فعند السيد بوتين لا فرق بين عربي وآخر، فكلنا أنصاف بشر.
المشكلة أن امتيازات الخمسة “الكبار” ستنتهي فور استعمال أحدهم للسلاح النووي، خاصة في إطار عدوان قذر وغير مبرر. لن يعود هناك لا “أمم متحدة” ولا “بان كي مون” ليقلق ولا حق “فيتو”… بل سباق تسلح نووي محموم يشمل الكرة اﻷرضية كلها. لن تبقى دولة أو شعب واحد يشعر باﻷمان حين يرى المافيا الروسية تستبيح كل المحرمات وتستعمل السلاح النووي في الهجوم على شعب أعزل. سيستفيق اﻷتراك والسعوديون من سباتهم ولن يتأخر اﻷوكرانيون في إعادة تشغيل مفاعلاتهم النووية.
اليابان وألمانيا سوف تدركان أن سياسة الحياد النووي لم تعد ممكنة، حتى “فنلندا” و”النروج” ستراقبان الفطر النووي وهو يرتفع فوق “حلب” ولن يعود أحد يصدق الهراء القائل “بالمحافظة على السلم الدولي”.
لن يتغير الكثير بالنسبة للسوريين الذين تلقوا فوق رؤوسهم ما يعادل عشرات القنابل النووية، لكن على شكل براميل وصواريخ ودون تلوث إشعاعي، بالمناسبة فالشاة الميتة لا يؤلمها السلخ!
على اﻷغلب يخشى “القيصر” أن يكون استعمال السلاح النووي في سوريا فرصة للمهتمين بالحصول على مواد مشعة يتم استعمالها في قنابل قذرة، ربما تجد طريقها إلى حواضر المشاركين في المجزرة السورية وحتى غير المشاركين.
لا بدّ أن بوتين اضطر أن يرضى بما هو دون السلاح النووي فأرسل قاذفاته الاستراتيجية والمخصصة لحمل القنابل الذرية وسجادات القنابل إلى السماء السورية. بحكم أن هذه القاذفات تشارك منذ فترة في قصف سوريا انطلاقًا من اﻷراضي الروسية، لم يبق أمام الرجل سوى خطوة تكتيكية مؤداها نقل هذه القاذفات إلى المنطقة، لكي تتمكن “القوات الفضائية الروسية” من تدمير بعض المباني وقتل المدنيين العزل على سنة “النازي” عن قرب.
المشروع اﻷول لبوتين كان توسيع قاعدة “حميميم” وإطالة مدرجاتها بحيث تستقبل هذه القاذفات الاستراتيجية بشكل دائم. المشكلة أن هذا المشروع المغري والذي يداعب غرور القيصر اصطدم بمعارضة إسرائيلية وأمريكية مشتركة، فالدولة العبرية تفهم جيدًا سياسة المصالح وسخافة القانون الدولي، والسهولة التي ينتقل بها من يدعي “الصداقة” إلى موضع العداوة بحسب الظروف، وهي لا تريد إعطاء هدية مجانية للروس تغير قواعد اللعبة الدولية شرق المتوسط وتنافس احتكار إسرائيل للسلاح النووي في المنطقة، رغم “الصداقة” بين النظامين النازيين في “تل أبيب” و”موسكو”.
اﻷمريكي أيضًا لا يرى أي مصلحة له في رؤية قاعدة نووية متقدمة للمافيا الروسية في شرق المتوسط تكسر التوازن الذي ساد طيلة الحرب الباردة. نكسة كهذه قد تجعل أوباما يغادر الساحة السياسية بأسرع مما هو متوقع وهذا ما لا يريده بوتين.
في انتظار توسيع قاعدة حميميم، اختار بوتين ترسيخ تحالفه مع ملالي إيران، وأوضح بما لا يقبل اللبس وجود حلف غير مقدس بين المافيا الروسية الملتحفة بالأرثوذوكسية وبين “الولي الشيعي الفقيه”، الطامع في خلق مجال حيوي مشترك على حساب “العدو” السني.
باعتبار أن بوتين رجل “مهذب وخلوق…”، فقد انتظر مغادرة ضيفه السني “أردوغان”، قبل أن يرسل قاذفاته إلى قواعد الحليف اﻹيراني في “همدان”.
المجاملات انتهت والمذبحة سوف تستمر حتى يستفيق السنة من غفوتهم اﻷبدية… أو يلحقوا بالسوريين.