ما هي خيارات طلاب المناطق المحاصرة لبدء الدراسة الجامعية؟

  • 2016/08/21
  • 3:09 ص

عنب بلدي – خاص

خياران لا ثالث لهما يحكمان العملية التعليمية العليا في المناطق المحاصرة، فعقب حصول الطالب على شهادة الثانوية العامة، إما أن يتوجه نحو التعليم الافتراضي عن بُعد، لأنه يجد فيه الخيار الأفضل للتحصيل العلمي في ظل الحصار، أو نحو التعليم التفاعلي الأكاديمي، الذي توفره شُعب الكليات والمعاهد المتوسطة في تلك المناطق، إذ يراه البعض الوسيلة الأنجع لإتمام الدراسة.

فور الانتهاء من كل موسم تعليمي، وخلال عملية الإعداد للآخر، يتناقل الطلاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي روابط لمنح تعليمية في جامعات ومعاهد ضمن مجالات مختلفة عبر الإنترنت.

ويعتبر التعليم الافتراضي من أكثر الوسائل التي يلجأ إليها الطلاب في المناطق المحاصرة داخل سوريا، لتعذر الخروج والالتحاق بكليات جامعية أو معاهد في مناطق سيطرة المعارضة أو النظام، رغم أن عددًا “لا بأس به” انتسب لكليات ومعاهد محدودة تتبع لجامعة حلب، التي انتشرت شُعبها في خمسة مناطق: ريف دمشق، حمص، حلب، إدلب، درعا.

شروط التقدم إلى الجامعات الافتراضية

توفر هذه الجامعات تعليمًا أكاديميًا في مجالات عدة، كالعلوم السياسية والآداب والهندسات بفروعها وغيرها، ويحصل الطلاب بمجرد الانتهاء من التعليم على إجازات جامعية قد تؤهلهم دخول سوق العمل، وتشترط “الافتراضية” على المتقدم أن يكون حاصلًا على الشهادة الثانوية بمعدل 65% كحد أدنى.

ويستطيع الطالب الانتساب عبر البريد الإلكتروني، أو استمارات خاصة توفرها الجامعات على مواقعها، وتمتد فترة الدراسة على مدار سنة ونصف في معظم تلك الجامعات، ويخضع الطالب فيها لدراسة 12 مقررًا خلال ثلاثة فصول تعليمية، ويخضع الطالب لامتحانين في كل مقرر، ويضم 12 محاضرة (أي امتحان كل ست محاضرات).

وبسبب طبيعة الحصار وصعوبات تأمين التكاليف المادية لقاء التعليم، توفر الجامعات خدماتها للطلاب مجانًا، إلا أنه يتوجب على الطالب دفع 100 دولار (حوالي 50 ألف ليرة حاليًا)، في حال رسوبه بأي مقرر جامعي، مقابل إعادة الامتحان، ويعزو القائمون على الجامعات، التي تعتبر جامعة “رشد” أبرزها، سبب دفع المبلغ المالي “كي يظهر الطالب جدية والتزامًا”.

وتمنح “رشد” المعتمدة من جامعة “آسيا” الماليزية وضمن 31 دولة أخرى، شهادة عقب إنهاء المقررات للطلاب المتخرجين، بينما يتوجب على من يسعى للحصول على شهادة جامعة “آسيا” دفع مبلغ 500 دولار، والخضوع لامتحان نهائي في موقع الجامعة على الإنترنت.

وعلى سبيل المثال تقدم “رشد” دبلومًا في اختصاصات كإدارة الأعمال، وتقنيات المعلومات والشبكات، والعلوم السياسية، واللغة الإنكليزية لأغراض أكاديمية، ودبلوم تفاعلي في التصميم الإعلامي (إخراج، إعداد وتقديم، صحافة)، ويدير الجامعة باحثون أتراك، ولها شراكات مع أكثر من دولة أبرزها كندا وماليزيا.

ووفق ما رصدت عنب بلدي فإن عددًا من طلاب الغوطة الشرقية وريف دمشق، إضافة إلى مدن وبلدات ريف حمص الشمالي وحي الوعر، يستفيدون من الدبلومات التي تقدمها “رشد” وغيرها، كأكاديمية “الفرحة” لعلوم الأسرة، وتضم اختصاصات: دبلوم وبكالوريوس في الإعلام، ودبلومات إعداد وتربية وعلم نفس وإرشاد.

شُعبٌ تتبع لجامعة حلب في ريف حمص

رغم الحصار الذي يفرضه النظام السوري على كافة المستويات ومن ضمنها التعليمي، إلا أن جامعة حلب التي تأسست بداية العام الدراسي الحالي، بتكاتف جهود الحكومة المؤقتة التي أعطتها غطاءً قانونيًا، وأكاديميين سوريين وفروا الكوادر والتحضيرات، وبدعم من مغتربين سوريين في أمريكا، أنشأت شُعبًا تتبع لها داخل الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي وحي الوعر.

وتضم شعبة الجامعة في ريف حمص كليات عدة يمكن لطلاب تلك المناطق التسجيل فيها أبرزها: كلية اللغة العربية في تلبيسة، كلية الهندسة الكهربائية في الرستن، المعهد التقاني الطبي في تلبيسة، المعهد الهندسي التقاني في الرستن، ومعهد إعداد المدرسين في الحولة وهناك فروع للمعهد في كل من تلبيسة والرستن.

وبحسب الأستاذ إياد جاموس، مشرف شعبة اللغة العربية في فرع الجامعة بحمص، فإن التسجيل في كليات ومعاهد الجامعة يتطلب شهادة الثانوية العامة، صورة عن الهوية، صورًا شخصية، وملء الاستمارة ضمن مركز التسجيل.

في حي الوعر افتتحت ثلاثة معاهد تعليمية شباط الماضي هي: المعهد التقاني الطبي، بتخصصات المخابر والتحاليل وطب الطوارئ، المعهد التقاني للحاسوب بتخصص البرمجة، إضافة إلى معهد إعداد المدرسين، بتخصصي معلم صف واللغة العربية.

ووفق حديث سابق مع هاني الشيخ، عضو في إدارة تجمع المعاهد المتوسطة، فإن الكادر التدريسي اختير وفقًا لمعايير خاصة، أهمها شهادات الدراسات العليا المتخصصة، والإجازات الجامعية، مع خبرة تدريس تفوق عشرة أعوام، ويتبع المعهدان التقاني للحاسوب، والتقاني الطبي لجامعة حلب، أما معهد إعداد المدرسين فيتبع لوزارة التربية والتعليم في الحكومة المؤقتة.

الغوطة الشرقية تحاول تغطية نقص الكوادر التدريسية

تتفوق الغوطة الشرقية بعدد الكليات والمعاهد عن ريف حمص الشمالي وحي الوعر، ويقول طالب قسم الإدارة الذي يتبع لمعهد إعداد المدرسين، عمر زارع، إن الطلاب الحاصلين على نسب متدنية في الثانوية العامة، يتوجهون إلى المعاهد، على اعتبار أن النسبة التي تفرضها الجامعة لدخول الكليات تتجاوز 75% وما فوق، بحسب الفرع.

ولا تقبل المعاهد شهادة الثانوية العامة التي صدرت قبل عام 2011، ويرى زارع في حديثه إلى عنب بلدي، أن المناهج التي تقدمها “أفضل من زمن النظام”، مشيرًا إلى أن بعض الطلاب يعانون من مشاكل عقب التسجيل فيها، “لأنها تفرض الالتزام وتحقيق نسبة 80% من الدوام، كي لا يحرم الطالب من تقديم الامتحان”.

وللحديث عن الكليات والمعاهد التي تتبع للجامعة في الغوطة الشرقية ويمكن للطلاب التسجيل فيها، تحدثت عنب بلدي إلى عضو اللجنة العليا لإدارة تشغيل جامعة حلب في الغوطة، ضياء الدين القالش، وقال إنها تضم معاهد متوسطة من ثمانية اختصاصات (لغة إنكليزية وعربية وفرنسية، رياضيات، علوم عامة، فيزياء، معلم صف، إضافة إلى معهد العلوم الشرعية، وإدارة أعمال، والمحاسبة، والمعهد الطبي باختصاصي التخدير والمخابر).

ويضم المعهد التقاني الطبي حاليًا 100 طالب، بينما يضم معهد إعداد المدرسين بكافة الاختصاصات، ضمن السنتين الأولى والثانية 500 طالبٍ، ويدرس في قسمي الإدارة والمحاسبة قرابة 130 طالبًا آخرين، وفق القالش.

توسُّع المعاهد زاد من أعداد الطلاب الذين تقدموا إلى امتحانات شهادة الثانوية العامة من الذكور والإناث خلال العام الحالي، بحسب القالش، وأوضح أن معاهد إعداد المدرسين تُخرّج ثلاث أو أربع دفعات لتغطية الحاجة في الغوطة، مشيرًا إلى تخريج 15 مدرسًا خلال الفصل الأول الماضي، ومتوقعًا تخريج 150 مدرسًا إضافيًا من كافة الاختصاصات مع نهاية العام الحالي.

وإلى جانب المعاهد تضم الغوطة الشرقية كليتي الطب والاقتصاد وتتبعان لجامعة حلب، يدرس فيهما حاليًا 100 طالب من أصل 130 سجلوا، وأجّل 30 منهم الدراسة لأسباب مختلفة في كلية الطب، إضافة إلى 100 آخرين في كلية الاقتصاد.

ورغم أن مدن وبلدات الغوطة الشرقية محاصرة إلا أنها كانت سبّاقة في افتتاح كلية الطب منتصف كانون الأول من العام الماضي، وفق القالش، الذي أشار إلى أن شعبة الغوطة تدرس إطلاق كلية طب الأسنان العام المقبل، لافتًا إلى أنها أدرجت ضمن المفاضلة وأقرت في اللجنة العليا لجامعة حلب.

تعمل شعبة جامعة حلب في الغوطة دون النظر إلى الاعتراف، إلا أن عضو لجنة تشغيلها، أكد تواصلهم مع جامعات دولية وهيئات كثيرة للحصول على اعتماد، والذي قال إن تأمينه ليس سهلًا في ظل الظروف الصعبة ضمن الغوطة، ووفق المعايير المطلوبة وغير المتوفرة فيها.

واستحضر القالش في ختام حديثه مثالًا عن جامعة رسمية أدارها طرفان متنازعان، كما حدث سابقًا في جامعة “بيرتشينا” بجمهورية كوسوفو، متفائلًا بإمكانية تفعيل الشراكة التي تملكها جامعة حلب مع جامعة غازي عنتاب التركية، داخل المناطق المحررة، ومتمنيًا “تحرير حلب كي تصبح الجامعة ملك المعارضة مع أبنيتها وبياناتها بشكل كامل”، وهذا ما يعطي قوة أكبر في العمل، وفق رؤيته.

تختلف وجهات نظر الطلاب حول جدوى الحصول على شهادةٍ مازالت غير معترف بها، يحصلون عليها عقب تخرجهم من الكليات والمعاهد، مقارنة بين شهادة معترف بها في عدة دول، توفرها بعض الجامعات الافتراضية على الإنترنت، إلا أن معظم الطلاب الذين استطلعت عنب بلدي آراءهم يجدون أن التحصيل العلمي أهم من الشهادة، فهو الذي يُمكّنهم من رفد النقص الذي تعاني منه مناطقهم في ظل الحصار.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع