في لقاء مع أحد المستثمرين في مجال الطاقة الكهربائية في الغوطة الشرقية ومدينة دوما، كشف راتب الصوفي، وهو مؤسس وصاحب مشروع “مولدات الصوفي”، عن أساليب بدائية وطرق لا يمكن أن تخطر على بال، عندما سعى إلى توليد الكهرباء بعد أن فقد الديزل من الغوطة الشرقية، فكان “زيت القلي” و”السمنة” بمثابة وقود، لجأ إليهما لتوليد الكهرباء، لكن انتشار المهربين ووجود الأنفاق كسر إلى حد ما الحصار المفروض على الغوطة، ووفر المحروقات ولو بأسعار مرتفعة قليلًا.
يقول الصوفي، الذي التقيناه في مقر شركته الرئيسي بمدينة دوما، “أخدّم 500 مواطن في عدة أحياء بمدينة دوما، هي الحميرة، السنديانة، العبّ، جامع عبيد، ولكل حي مكتب خاص مسؤول عنه وعن تخديمه، بحيث يرتاح المشترك بالتعامل مع المكتب الفرعي”، مشيرًا إلى أنه أطلق مشروعه في 11 أذار 2013، باستخدام مولدات استطاعتها 600 شمعة، أي حوالي 100 أمبير، وبدأ يقدم الكهرباء للأهالي، وكان سعر ليتر المازوت وقتها نحو 110 ليرت، فيما كان سعر الدولار نحو 125 ليرة، وخلال تلك الفترة، تباينت حاجات الناس وكان عدد المشتركين قليلًا، وتراوحت معدلات الاستهلاك بين 5 أمبير إلى 10 أمبير يوميًا.
ومع ارتفاع عدد السكان ولجوء نازحين ومهجرين من مناطق أخرى إلى الغوطة الشرقية، تطورت حاجيات السكان، وبات استحضار مولدات باستطاعة 100 ألف أمبير، أمرًا ضروريًا.
وبلغ وقتها سعر الأمبير 300 ليرة، بمعدل تغذية ثلاث ساعات، وتوازى ذلك مع ارتفاع سعر المازوت ووصل سعر الليتر إلى 2400 ليرة، فارتفع الأمبير أضعافًا، وصار يسعّر بناء على سعر المازوت.
بدائل لا تخطر على بال
يوضّح الصوفي، “كنا نحصل على المازوت من بسطات محلية وبأسعار متفاوتة، اخترعنا من ذاتنا أدوات جديدة بديلة عن الوقود منها زيت القلي، ولم أصدق أن المولدة ستعمل، بمجرد إضافة زيت القلي إليها، بسبب الدخان الذي صدر عنها.. ارتعبت حينها، لكنني نجحت في توليد الكهرباء”.
كان “زيت القلي” بديلًا مؤقتًا عن المازوت، “لكن حاجة الناس أكبر”، يقول الصوفي مضيفًا “في وقت لاحق استخدمت مادة الفيول في توليد الكهرباء بعد تعريضه للحرارة بنحو 90 درجة لتمييعه وجعله سائلًا وقد نجحت، لكن المولدة تعطلت”.
وفي بداية 2014، بدأ الصوفي استخدام مادة تسمى “مازوت أسود”، ناتج عن إعادة تكرير الفيول، وقد استخدمت هذه المادة في تشغيل المولدات اللازمة لتوليد الكهرباء، “ونجحت” على ما يقوله الصوفي، لكن بعد نفاد الفيول، أصبح الوضع صعب جدًا، وهنا وصل سعر ليتر المازوت إلى أكثر من 2400 ليرة نتيجة فقدان المادة تمامًا بسبب الحصار.
لم يكتف الصوفي عند هذا الحد بتجريب “زيت القلي” و”الفيول” وغيره، من أجل تشغيل المولدات بل لجأ أخيرًا إلى استخدام مادة “السمنة” لتشغيل المولدات أيضًا، فأجرى تجربة على إحدى المولدات ونجحت، وذلك بعد تعريض “السمنة” لدرجة غليان، “وكان هناك مشكلة أن السمنة بحاجة إلى تسخين دائم لأنها سريعة الجمود”.
توفر المازوت لم يحل المشكلة
أخيرًا، بدأ المازوت يتوفر في الغوطة بأسعار أقل من السابق، وبحوالي 1700 ليرة و1800 ليرة لليتر الواحد تقريبًا، بعد انتعاش عمليات التهريب، لكن استمرار تذبذب أسعار المازوت يجعل على المستثمر من الصعوبة بمكان ضبط الأسعار بشكل نهائي.
يقول الصوفي “لدي استهلاك أسبوعي لنحو أربعة آلاف لتر مازوت، بسعر 1.6 مليون ليرة، لا أستطيع تأمينهم إلا عبر أقساط مع تجار المحروقات، ويبلغ سعر الكيلو واط 225 ليرة”.
وحول توزع العمالة في شركته، ومدى قدرتها على تلبية طلبات المواطنين يوضح الصوفي أنّ توليد 50 أمبير كهرباء بحاجة إلى ثلاثة عمال، وكل حي يشرف على تخديمه مكتب فرعي، وليس هذا فحسب بل يعمل الصوفي على تطوير خدمات مؤسسته، ويقول “نعمل على إصدار دفاتر فواتير تضمن حقوق الطرفين، وكذلك نستعد لإطلاق خدمة للاستفسار عن فاتورة الكهرباء عبر إرسال رسالة واتساب”. مشيرًا إلى دور المجلس المحلي بمساعدته وزملائه من المستثمرين عبر إصلاح الشبكات بعد القصف، وتجليس أعمدة الإنارة، بالرافعات لديه، وشد الكابلات، مقابل أجور متفق عليها بين الطرفين.
تابع قراءة ملف: “مدن الأمبيرات”.. شبكات الكهرباء تنهار أمام أعين السوريين
العام 2011.. بداية خريف مشاريع الكهرباء في سوريا
وزارة الطاقة المؤقتة “تنوّر” على السوريين في إدلب وحلب
مجلس اعزاز المحلي: الكهرباء في كل بيت بمعدل عشر ساعات يوميًا
وزارة الخدمات.. جديد الحكومة المؤقتة لتولي قطاع الكهرباء في مناطق المعارضة
“خط إنساني” في حلب لتزويد مناطق المعارضة بالكهرباء
الكهرباء في حمص ورقة ضغط النظام والمعارضة.. والمواطنون “ضحية”
محطة “الزارة” الحرارية.. ورقة ضغط المعارضة على النظام
إدلب.. مولدات ضخمة تسد حاجة السكان من الكهرباء
محطة زيزون تتحول إلى ركام بعد أن دمرها قصف الطيران
تقاطع مصالح بين تنظيم “الدولة” والنظام والمعارضة
عنفات غازية “كهلة” لتوليد الكهرباء في الحسكة
درعا.. النظام يتحكم بشريان الكهرباء ومهربون يوردون “الديزل” عبر الصحراء
الغوطة الشرقية: المجلس المحلي يتكفل بالكهرباء ويضبط أسعار الأمبيرات
قصة مستثمر استخدم “زيت القلي” و”السمنة” في توليد الكهرباء بالغوطة الشرقية
حكومة النظام ترفع أسعار الكهرباء لتغطية العجز
موالون ومعارضون تجمعهم كراهية “التقنين الكهربائي” وشتم المتسبب
لقراءة الملف كاملًا: “مدن الأمبيرات”.. شبكات الكهرباء تنهار أمام أعين السوريين