يغيب التيار الكهربائي ومعظم مصادر الطاقة عن محافظة درعا ومدنها الخاضعة لسيطرة المعارضة، لكن هناك موادر تأتي من مصادر عديدة، أبرزها مناطق سيطرة النظام في المحافظة، ومناطق سيطرة تنظيم “الدولة”، إذ تعتمد نسبة كبيرة من السكان على ما يعرف بـ”المازوت الأنباري”، نسبة إلى محافظة الأنبار العراقية، وهو متوسط الجودة ويفي بالغرض لتوليد الطاقة الكهربائية عبر المولدات ويصل إلى المنطقة عبر المهربين الذين يجتازون الصحراء من الشرق إلى الغرب وصولًا إلى درعا وريفها.
وبدأت معاناة المواطنين مع شهور الثورة الأولى عندما بدأ النظام بتخفيض ساعات الكهرباء القادمة إلى المدن الخارجة عن سيطرته، وبعد فترة لم تعد الكهرباء القادمة من مناطق النظام تكفي، وهنا بدأت رحلة البحث عن بدائل.
يقول المهندس محمد كراد، رئيس المكتب الخدمي في المجلس المحلي لدرعا، “لا توجد محطات توليد في المناطق المحررة، وتأتي الكهرباء حصرًا من مناطق النظام”، مشيرًا إلى أن مدينة درعا تضم مراكز تحويل صغيرة مثبته على الأبراج أو على الأرض ضمن المباني، ومرتبطة بشكل مباشر بمراكز توليد الطاقة التي يسيطر عليها النظام، مشيرًا إلى أن وضع مراكز التحويل “سيئ جدًا” بعد خروج عدد كبير منها عن العمل، كما أن الشبكة العامة على وشك أن تخرج عن الخدمة بسبب دمار الأعمدة والأبراج.
مجلس محلي بلا ميزانية للكهرباء
ما يزيد الأوضاع صعوبة على المجلس المحلي في مدينة درعا، عدم توفر المعدات والآلات التي تحتاجها ورشات الصيانة لإصلاح الأعطال أو العمل على مشاريع جديدة، فالمدينة التي يعيش فيها 300 ألف مواطن، تخدمها ورشة إصلاح واحدة تتألف من سبعة عمال ومشرف، ولا تملك سوى سيارة رافعة.
يقول المهندس كراد “لا توجد لدينا قطع تبديل للكهرباء، مثل الكابلات والقواطع والمنصهرات وهذه التفاصيل الفنية، بل نستخدم عُددًا يدوية بإمكانيات بسيطة، وغالبًا لا تتوافر الكلف المادية لصيانة الأعطال لأن كهرباء درعا بلا ميزانية أساسًا”.
الفوضى تدفع اللصوص لسرقة أبراج درعا بعد تفخيخها
يعتمد السكان إلى جانب المولدات الكهربائية مشاريع للطاقة الشمسية، بالإضافة إلى مشاريع محدودة في مجال توليد الكهرباء من الرياح وغيرها، لكنها محدودة النطاق وبجهود القطاع الخاص والأهالي بالكامل.
وقد ساهمت حالة الفوضى التي تعيشها سوريا بشكل عام في انتشار اللصوص، الذين باتوا يسرقون ما تبقى في محطات التحويل والتوليد من أدوات ومعدات وكابلات وغيرها، ليشكل هؤلاء عبئًا إضافيًا على المجلس المحلي في درعا وعلى الورشات والعاملين في هذا المجال. إذ يقوم هؤلاء بتفخيخ أبراج الكهرباء وتفجيرها وإنزالها أرضًا، ثم سرقتها وبيعها “خردةً”، بالإضافة لسرقة الكابلات الممتدة عليها.
أقدمت مؤخرًا مجموعة من اللصوص المسلحين على تفجير برجي كهرباء، يتبعان لخط الكهرباء 230 KVA الممتد بين بلدتي الكرك الشرقي والمسيفرة في ريف درعا الشرقي، والذي يسهم في تغذية عدد من قرى ريف درعا الشرقي بالكهرباء، ما تسبب بانقطاع التيار بالكامل. كما أقدمت مجموعة أخرى، على تفجير أربعة أبراج بالقرب من بلدة طفس في ريف درعا الغربي، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن عدد من قرى ريف درعا الغربي، بالإضافة لانقطاعها عن محطات ضخ المياه في منطقتي الأشعري والمزيريب، وأسفر ذلك عن انقطاع المياه عن أحياء مدينة درعا بالكامل، في وقت اشترطت فيه مديرية الكهرباء، التابعة للنظام السوري في مدينة درعا، الحصول على ضمانات قبل البدء بأعمال إصلاح الأبراج المتضررة، بحسب ما علمت عنب بلدي من مصادر خاصة.
البطاريات والطاقة الشمسية أبرز البدائل عن كهرباء النظام
وبالنسبة للكهرباء التي تأتي من مناطق سيطرة النظام، فتراجعت كفاءتها بشكل كبير، فهي تأتي من ساعتين إلى أربع ساعات يوميًا، وهي “لا تكفي ولا تسد احتياجات الناس”، وفق ما يقول أحد المواطنين لعنب بلدي.
يقول مواطن آخر “نستخدم وسائل بديلة تسد احتياجات عملنا، وهي كافية حاليًا بنسبة 75%، منها البطاريات التي تشحن، سواء من الطاقة الشمسية أو المولدات”.
مواطن من درعا البلد، يجد أنه من الصعوبة المقارنة بين وضع الكهرباء الآن وقبل الثورة، يضيف “الآن لا يوجد كهرباء بتاتًا، تأتي من النظام ضعيفة جدًا، ولا تصلح لتشغيل تلفاز”، مشيرًا إلى أن البدائل متنوعة بحسب قدرة الأشخاص المالية، والمتوفر حاليًا هو الطاقة الشمسية والمولدات والبطاريات الصغيرة القابلة للشحن.
كيف يحصل سكان الجنوب السوري على الطاقة الشمسية؟
تعد ألواح الطاقة الشمسية من أكثر البدائل المتوفرة حاليًا جنوب سوريا، لدورها الأساسي في تأمين الكهرباء، رغم تكلفتها المرتفعة. مصدر خاص لعنب بلدي أوضح كيف يحصل المواطنون على هذه الألواح والمعدات في ظل إغلاق الطرقات واشتعال المعارك، يقول “إن ألواح الطاقة تدخل إلى المنطقة عبر الطرق الحربية وطرق التهريب، وتباع بالدولار أو الدينار الأردني، ويبلغ سعر لوح الطاقة استطاعة 100 واط بين 70-80 دولارًا، وسعر اللوح استطاعة 150 واط، بين 130- 140 دولارًا”.
ويتراوح سعر البطارية اللازمة للشحن، استطاعة 100 أمبير، بين 70-80 دولارًا، والاستطاعة 150 أمبير نحو 130-140 دولارًا.
وتحتاج ألواح الطاقة الشمسية إلى منظمات جهد تتباين أسعارها حسب الاستطاعة، ويبلغ سعر المنظم استطاعة 20 أمبير، حوالي 30 دولارًا، والـ40 أمبير 45 دولارًا، ورافعات الجهد (أنفيرتر) استطاعة ألف واط بسعر 30 دولارًا، والـ 1500 واط 50 دولارًا.
وبالمجمل وبتكلفة وسطية وتقريبية، تبلغ تكلفة تركيب دارة طاقة شمسية نحو 200 دولار لأغراض الاستخدام الخفيف، التي لا تتطلب استطاعات وجهدًا عاليًا، في حين تصل تكلفة تركيب دراة طاقة شمسية تولد الكهرباء بشكل طبيعي كأنها كهرباء نظامية نحو ألف دولار.
تابع قراءة ملف: “مدن الأمبيرات”.. شبكات الكهرباء تنهار أمام أعين السوريين
العام 2011.. بداية خريف مشاريع الكهرباء في سوريا
وزارة الطاقة المؤقتة “تنوّر” على السوريين في إدلب وحلب
مجلس اعزاز المحلي: الكهرباء في كل بيت بمعدل عشر ساعات يوميًا
وزارة الخدمات.. جديد الحكومة المؤقتة لتولي قطاع الكهرباء في مناطق المعارضة
“خط إنساني” في حلب لتزويد مناطق المعارضة بالكهرباء
الكهرباء في حمص ورقة ضغط النظام والمعارضة.. والمواطنون “ضحية”
محطة “الزارة” الحرارية.. ورقة ضغط المعارضة على النظام
إدلب.. مولدات ضخمة تسد حاجة السكان من الكهرباء
محطة زيزون تتحول إلى ركام بعد أن دمرها قصف الطيران
تقاطع مصالح بين تنظيم “الدولة” والنظام والمعارضة
عنفات غازية “كهلة” لتوليد الكهرباء في الحسكة
درعا.. النظام يتحكم بشريان الكهرباء ومهربون يوردون “الديزل” عبر الصحراء
الغوطة الشرقية: المجلس المحلي يتكفل بالكهرباء ويضبط أسعار الأمبيرات
قصة مستثمر استخدم “زيت القلي” و”السمنة” في توليد الكهرباء بالغوطة الشرقية
حكومة النظام ترفع أسعار الكهرباء لتغطية العجز
موالون ومعارضون تجمعهم كراهية “التقنين الكهربائي” وشتم المتسبب
لقراءة الملف كاملًا: “مدن الأمبيرات”.. شبكات الكهرباء تنهار أمام أعين السوريين