عنب بلدي – العدد 75 – الأحد 28-7-2013
مهلهل اسماعيل -إدلب
شهدت مدينة سراقب في الثامن عشر من تموز الجاري سلسلة غارات جوية استمرت ليومين ألقت خلالها طائرات النظام أكثر من 15 برميلًا على المدينة تسببت بأضرار «كارثية» في الأرواح والممتلكات، وسقط أكثر من ستة شهداء من المدنيين بينهم أربعة من عائلة واحدة، كما استشهد الناشط عبد الناصر العوض (الناصر أبو صبيح) الذي يعد من الناشطين البارزين في مدينة سراقب منذ بداية الثورة.
يقول «ليث هلول» وهو إعلامي ومسعف من سراقب أن يوم 19 تموز 2013 «لا ينسى في ذاكرة من حضر الموت الملقى من السماء إلى الأرض»، إذ استفاقت المدينة على غارة جوية عنيفة ألقي خلالها ستة براميل متفجرة فوق رؤوس الأهالي ولتستمر الغارات المرفقة بالبراميل طيلة النهار، تخللها إلقاء براميل فوسفورية، ويتابع ليث: «سيارات الإسعاف لم تستوعب الجرحى، يوم يستحيل أن أنساه وخاصة عندما كنا قريبين جدًا من مكان سقوط البراميل ولأكثر من مرة … لكن الحق يقال أن شباب الإسعاف لم يقصروا، والبلد كبرت بأهلها وشبابها».
وقد تم استهداف مبنى المركز الثقافي في المدينة الذي يستخدمه المجلس المحلي لسراقب وريفها وذلك أثناء وجود الأعضاء فيه. ويقول «أسعد باكير» رئيس مكتب الإغاثة بالمجلس: «بدأ القصف منذ الصباح الباكر وبدأنا بإخراج الأهالي من البلد ومساعدتهم في النقل وتوفير الاحتياجات الضرورية للنزوح، حيث بدا أن الأمر سيمتد لأيام، وبينما كنا نرتب أوراقنا ونتقاسم العمل سقط أحد البراميل على باب المبنى تمامًا ما أدى إلى انهيار كبير فيه والحمد لله لم نصب بأذى.»
سبعة عشر برميلًا كانت كفيلة بتدمير العديد من البيوت وتشريد عشرات العائلات وسقوط سبعة شهداء.. يتابع ليث قوله: «كنا كلما انتهينا أو هدأ الوطيس نعود إلى حيث دمر بيت من طابقين فوق عائلة كاملة، الشهيدة الأولى وهي الجدة حملتها بيدي وكان نصف جسدها بين الانقاض، والشهيدة الثانية بنتها، وأذكر أنني زحفت تحت سقف مائل أحفر بيدي تحتها لأحرر قدميها العالقتين تحت السقف بعد أن حررنا جسدها من تحت ركام طابقين، كم كانت قاسية تلك اللحظات وانت تلمس برودة جسد قتل ظلمًا، وتستنشق غبارًا وتتصبب عرقًا، وتنزف دمًا من أصابعك وهي تحتك بالحجارة وقطع البللور المكسر. لم نيأس وبقينا نتابع الحفر والبحث وتمكنا من إخراج طفل رضيع من تحت الأنقاض سليمًا.»
يقول محمد الخالد عضو المكتب الإعلامي: «كان علينا توصيف المشهد وتوثيق الضحايا والأضرار تحت القصف وفي يوم لاهب كهذا» وبرأيه فإن النظام «يريد إخضاع الناس والضغط على البلد بالتزامن مع العمليات العسكرية حول معسكر القرميد» ويؤكد الخالد على صمود مدينة سراقب رغم انقطاع الكهرباء والماء ومحدودية الدعم الطبي «لأن عزيمة أهلها أقوى من أي شيء».
يذكر أن ريف إدلب تعرض في الأسابيع الأخيرة لهجمات «شرسة» طالت جبل الزاوية في قرى احسم والبارة والتمانعة وبنش وسرمين وكان لسراقب حصة الأسد فيها، تزامن ذلك مع تصعيد غير مسبوق في الأيام الماضية.