عنب بلدي – خاص
في ضوء التقارب التركي- الروسي، وإعادة التطبيع بين البلدين بعد أشهر جفاء، تعود موسكو لمغازلة فصائل “الجيش الحر” في ريف حلب الشمالي، والذي اقتصر نشاطه خلال النصف الأول من العام الجاري على محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” على الشريط الحدودي مع تركيا، بالتزامن مع استحواذ فصائل كردية على مدن وبلدات رئيسية في المنطقة.
وكشف رئيس المكتب السياسي في لواء “المعتصم”، التابع لـ “الجيش الحر”، مصطفى سيجري، تفاصيل عرضٍ قدمته روسيا للفصيل، في وقت تحدثت فيه عدة صحف غربية عن مشاورات تجريها موسكو مع بعض فصائل المعارضة السورية.
ويتضمن العرض إيقاف روسيا دعمها للقوات الكردية “الانفصالية”، وفق ما نقله سيجري لعنب بلدي، وإعادة تل رفعت ومنغ في ريف حلب الشمالي إلى أهلها “الأصليين”، موضحًا أن موسكو أبدت استعدادها لدعم الأعمال العسكرية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
روسيا “غير جادة” في طرحها
واعتبر رئيس المكتب السياسي أنه “من خلال التجربة نعتقد أن روسيا غير جادة في تغيير نهجها تجاه الشعب السوري، كما أنها غير صادقة في طرحها”، مشيرًا إلى أن اللواء يقرأ ما وصفها بـ “المناورة الروسية” على أنها “محاولة لشق الصف لا أكثر”.
العرض لم يكن للواء المعتصم فقط بل لفصائل أخرى، بحسب القيادي، وقال “لم نعتد أن نخفي عن شعبنا شيئًا ونحن من أظهر الأمر للإعلام، فمن حق الشعب السوري أن يطّلع على كل كبيرة وصغيرة”.
صحف غربية تناقلت خبر لقاء سيجري بممثل عن موسكو على الحدود السورية- التركية، قبل حوالي أسبوعين، وأكد لعنب بلدي أنه اجتمع مع مندوب روسي وانتهى اللقاء بعد سماع نقاط العرض، مردفًا “أسمعناهم للمرة المليون ثوابت الثورة السورية، وأكدنا لهم أن دماء الآلاف من شعبنا والتي قدمناها على مدار خمس سنوات لم تزدنا إلا إصرارًا وثباتًا على المبدأ”.
خطوة في ظل تراجع الدعم الأمريكي
يعزو محللون ومراقبون للوضع السوري تحرك روسيا بهذه الخطوة، إلى تراجع الدعم الأمريكي للفصائل المعارضة المصنفة على أنها “معتدلة”، ورأى سيجري أن روسيا تناور “ونحن نعي تمامًا مقاصدها ولن تتمكن لا هي ولا غيرها من شق صف الجيش السوري الحر، الذي يستمر ضمن ثوابت لا يمكن تجاوزها ومبادئ لا يمكن التفريط فيها”.
وتعليقًا على ما ذكرته صحيفة “ديلي بيست” الأمريكية، في تقرير نشرته 5 آب الجاري، ونقلت عن المندوب الروسي قوله “نحن ليس لدينا أجندات بهذا الخصوص وإن ما نريد القيام به هو العودة إلى عام 2012 عندما كان هناك حكومة ومعارضة”، لكن رئيس المكتب السياسي أوضح أنه “لا يمكن للواء المعتصم أو غيره اتخاذ أي خطوة باتجاه أي جهة أخرى دون توافق كامل من باقي الفصائل، وضمن ثوابت الثورة السورية”.
“ديلي بيست” تحدثت عن أن الخطوة جاءت بتسهيل من الحكومة التركية، وقال سيجري “نحن نثق تمام الثقة بالأخوة الأتراك فهم عمقنا الاستراتيجي، ومن يحتضن أهلنا ويقدم لنا كل التسهيلات والدعم الممكن”.
وتمنّى القيادي أن يغير الروس موقفهم من مساندة “رأس الإرهاب بشار الأسد ونظامه”، مؤكدًا “نحن لا نغلق الباب أمام أي جهة تقرّر الوقوف مع الشعب السوري أو تغير من موقفها، إلا أنه لا يمكن التوصل لأي اتفاق مع الروس إن لم يعلنوا وقف العمليات العسكرية في سوريا”.
وينتشر مقاتلو لواء “المعتصم” شمال مدينة حلب ويخوض معارك ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” هناك، وختم سيجري حديثه معتبرًا أن “الجيش الحر لن يقاتل عن أي جهة بالوكالة، ولن يرفع السلاح إلا في وجه من يقاتل الشعب السوري، ولواء المعتصم سيتعاطى مع الأمور والمجريات حسب مصلحة الشعب والوطن والثورة”.
وكان التحالف الدولي، بقيادة واشنطن، أسقط أسلحة لمقاتلي “الجيش الحر” في مدينة مارع أثناء حصارها مطلع حزيران الماضي، لكن المكتب السياسي لـ “لواء المعتصم” أوضح حينها أنها “كمية محدودة جدًا، ربما تساعد في الصمود في وجه تقدم داعش”.