“خواطر جعفورية”.. معارك الفكر على جبهات “فيس بوك”
زين كنعان – داريا
“بندقيتي قتلت منهم عددًا محدودًا، أما الخواطر فتذبحهم جميعًا”، بهذه الكلمات يختصر “أبو جعفر الحمصي” وصف خواطر ينشرها عبر صفحته في “فيس بوك”، محاولًا أن يسلط الضوء على مشاهد من مدينة داريا، ويصور أحداثها بطريقة يشحذ بها همم مقاتليه ويطمئن مواطني المدينة، مستخدمًا أسلوبًا شيقًا يطوّع فيه الأدب لصالح المعركة.
“أبو جعفر” هو قائد عمليات “لواء شهداء الإسلام” العامل في داريا، من مواليد قلعة الحصن في حمص عام 1979، متزوجٌ ولديه أربعة أطفالٍ بعيدون عنه، وهو منشقٌ عن النظام السوري، بعدما كان مساعدًا من الدرجة الثانية في الشرطة العسكرية التابعة للفرقة السابعة.
جمع القيادي الكثير من المتابعين داخل المدينة وخارجها، وباتوا ينتظرون خواطر الصفحة، التي يخوض عبرها حربًا أخرى (إلكترونية)، بعدما أصبحت محطّ هجمات من قبل “شبيحة” النظام السوري، أدت إلى إغلاقها عدة مرات. ويعلّق على المحاولات “كلمّا أغلقوا لي حسابًا تأكدت أني أؤلمهم وأغيظهم بخواطري، لربما أكثر من بندقيتي”.
مهمّة القيادي توجيه المقاتلين ميدانيًا وتنفيذ الخطط العسكرية على الخطوط الأمامية للجبهات المشتعلة ضد قوات الأسد منذ سنوات، وهو ما يكسبه اطلاعًا واسعًا على حال الجبهات وتقدم القوات المهاجمة أو خسائرها.
“خواطر جعفورية” هي ترويسة منشورات القيادي المعتادة، ويعزو سبب التسمية إلى موقعه الحساس في اللواء، إذ يحاول أن تبقى الخواطر “تمثل أبو جعفر لشخصه، ولا تمثل اللواء أو تحسب عليه”.
ويضيف “أحاول أن أسلّط الضوء على بطولات المقاتلين الذين سطروا بطولات فريدة دون أن يسمع أحد عنهم، فهم الجنود المجهولون الذين رووا بدمائهم أرض مدينتهم، ببطولات تكتب بماء من ذهب”.
ليس لدى “أبو جعفر” وقت يفرّغه للكتابة، ويقول “بمجرد ما تجول الفكرة في عقلي أكتبها فورًا، وغالبًا أكتبها في المعركة والطائرات تلقي براميلها فوق رؤوسنا”.
كما أنه لم يحتفظ بأي نسخة لهذه الخواطر، فمع إغلاق كل صفحة يذهب معها كلّ شيء، كما حصل مطلع آب الجاري، لكنه يعتبر أنه حقّق الغاية منها حين نشرها، وذلك يكفيه لأن القصد منها “شحذ الهمم وسحق معنويات الشبيحة”.
انشقّ “أبو جعفر” عن قوات الأسد مع بدء الحراك المسلح في سوريا، وتوجّه إلى مدينة داريا لكونه كان من سكانها عدة سنين قبيل الثورة، إضافة لقربها من دمشق وعاملًا مهمًا في سقوط الطاغية، بحسب تعبيره.
وتسلّم الضابط قيادة عمليات لواء “شهداء الإسلام”، بداية تشكيله أوائل 2013، ولم يؤثر مقتل أخيه، الذي كان إلى جانبه في العمل المسلح بقرار البقاء في داريا، رغم طلب أقاربه في حمص العودة إليها ليعيش بين أهله.
“داريا الروح”، بهذا يجيب أبو جعفر عن سؤال ماذا تعني له المدينة، ويضيف “تعرفت خلال الحملة على مئات من الشباب الطيبين من أبناء هذه المدينة، وعشت معهم أجمل وأصعب الأيام، فكانوا لي بمثابة الأخوة، منهم من استشهد ومنهم ما زال في خندقه يقاتل، فزادوا تعلقي بالمدينة ولم أشعر يومًا بالغربة”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :