التعلم الذاتي عبـر الانتـرنت
عنب بلدي – العدد 75 – الأحد 28-7-2013
واحدة من أهم الفتوح الحديثة التي مكّنتها التقنيّة وأدواتها المختلفة لتكون واقعًا معاشًا، وديمقراطيةً (لا تفرّق بين الغنيّ والفقير)، فَتحُ: التعلّم الذاتيّ، الذي بات أكثر إمكانًا، وانتشارًا بين مختلف دول العالم المتحضرة والفقيرة، أدواته بسيطة تتمثل بامتلاك جهاز حاسب (ولو قديم)، مع خط إنترنت (ولو بطيء)، لفتح آفاق وكنوز لامحدودة، دفعت بالكثيرين في دول العالم المتقدّمة إلى اعتماد هذا الأسلوب بديلًا عن التعلّم المدرسيّ والجامعي! إذ أفاد المعهد الوطني الأمريكيّ للأبحاث الخاصة بالتعليم المنزلي بأن عدد التلاميذ الذين يتعلمون في المنزل قد وصل إلى 2,2 مليون في العام 2010، وهذا يعود لأسباب كثيرة منها جودة التعليم، التكلفة الماديّة، التوجهات السياسيّة والدينيّة ضمن المؤسسات الرسميّة، الاحتياجات الخاصّة، وغيرها الكثير.
ومع ما لحقت به البنية التعليميّة في سوريا من دمار كبير، فإن التعرّف على هذا النمط من التعليم وتشجيعه لن يسهم في سدّ الفجوة فحسب، بل سيكون أكثر مردوديّة.
ثلاثيّة التعلّم الذاتيّ:
[1] جهاز الحاسب:
هذه هي الخطوة الأولى التي لا بدّ منها، لمن يرغب في أن يتعلّم بشكل ذاتيّ، ورغم ارتفاع أسعار القطع والأجهزة مؤخرًا، إلا أن الخبر الجيّد بأنّ ما نحتاجه كمنصّة للتعليم الذاتيّ لن يكون شيئًا غالي الثمن، بل يمكن لجهاز عمره 15 عامًا أن يكون أداةً عظيمة، وهذا الكلام ليس محض تجديف ومبالغة، بل كلام حقيقيّ وواقعيّ، ومطبّق، طبعًا مثل هذه الأجهزة لن يكون عليها نظام ويندوز 8 الحديث، أو نسخ من ألعاب الفيديو، لكن يمكنها أن تفي بغرض التعلّم الذاتيّ بشكل مثاليّ، وذلك باستخدام أنظمة وبرامج مخصّصة لذلك.
يمكن أن تستفيد الجمعيات من هذه الفكرة، وأن تفتح مركزًا صغيرًا (عشرة أجهزة حاسب مثلًا) للتعليم الذاتيّ، وفي هذه الحالة يمكننا استخدام توزيعات من نظام التشغيل جنو/لينكس المخصّصة للحواسيب القديمة. PuppyLinux مثلًا.
يمكن الاستعاضة عن جهاز الحاسب، بجهاز لوحيّ، أو حتى بجهاز موبايل حديث مزوّد بشاشة 4 إنش أو حتى أقل. أجهزة الموبايل الحديثة مزودة بمعالجات قويّة، ومساحة تخزين عاليّة، ورقائق ذاكرة كبيرة، وشاشة عريضة، وتطبيقات ذكيّة تلبيّ كافة المتطلبات، مما يجعلها خيارًا مناسبًا لمن كان يملك واحدًا، بدلًا من شراء جهاز حاسب.
[2] الاتصال بالإنترنت:
امتلاك جهاز الحاسب يعتبر الخطوة الأساس، والتي يمكن الاكتفاء بها، فحتى بدون خط إنترنت، أو مع خط اتصال بطيء، يمكن تحميل المواد التعليميّة من أيّ مركز إنترنت سريع، ثم يصار استخدامها أوفلاين وتوزيعها على باقي الأجهزة، وهذه الطريقة معمول بها في بعض الدول الإفريقيّة التي تشهد نموًا وإقبالًا على أسلوب التعلّم الذاتيّ.
وبالتأكيد فإن توفير اتصال سريع دائم، يعتبر أمرًا جوهريًا للغاية هنا، بل ويمكن القول بأنه سيحدث تغييرًا جذريًا في مستوى التفكير والاطلاع والثقافة.
[3] اللغة الإنكليزيّة:
إذا كان يمكن الاستغناء جزئيًا عن الاتصال بالإنترنت، مع ضمان نتائج جيّدة، فإن إتقان اللغة الإنكليزيّة ليس شرطًا لبدء رحلة التعلّم الذاتيّ، بل هو واحد من الأهداف التي يفترض تحصيلها من وراء هذه العمليّة.
لكن يجب دومًا أن ننتبه إلى أن معظم المحتوى الممتاز على شبكة الويب متوفر باللغة الإنكليزيّة، مما يجب أن يدفعنا لتحسين مهارة القراءة بهذه اللغة، وذلك عن طريق الممارسة المستمرة الدؤوبة، ولا سيما البدء بقراءة المواد التي تجذب اهتمامنا، فيدفعنا هذا الاهتمام للصبر على صعوبة التأقلم مع اللفظ الجديد، والمفردات الجديدة.
ما يريد لا ما نريد:
واحدة من أهم الأفكار الحاكمة لمنظومة التعلّم الذاتيّ، ترك الطفل أو الشاب يبحث ويهتم ويقرأ في المواضيع التي يهتمّ بها، لا في المواضيع التي نهتمّ نحن بها (كأهل، أو مؤسّسة، أو مشرفين)، تحت دعوى أننا نعرف مصلحته ونريد أن يهتمّ بما ينفعه.
إن تعليم المعادلات التفاضيلة لشخص يكرهها قد يفيد في الحصول على علامة جيّدة في الامتحان، وقد لا يفيد، لكن بالتأكيد لن يمكن لهذا الفرد أن يقدّم شيئًا لمجتمعه من دراسته شيء لا يؤمن بجدواه، ولا يجد به متعةً وشغف.
أما بالنسبة لمن لا يعرف بماذا يقرأ؟ وما الذي يجذب عاطفته، فهنا يأتي دور التجريب والاطلاع على المجالات المختلفة، حتى يجد نفسه في واحدٍ منها.
مصادر التعلّم الذاتيّ:
المصادر كثيرة للغاية، وكنّا قد تحدّثنا في عدّة مقالات سابقة، عن كيفيّة الاستفادة من الحاسوب، وعن كيفيّة البحث على شبكة الويب عما نريد.
لنلقي الضوء على المزيد من المصادر:
القراءة:
قلّة من يعرف الشبكة الاجتماعيّة (قراءات جيّدة) goodreads.com، وهي شبكة اجتماعيّة خاصّة بالقرّاء، مهتمة بالحديث عن الكتب ومناقشتها وتقييمها، يمكنك البحث من خلالها عن الكتب في الموضوع الذي تريد وتقرأ آراء الناس عنها، من خلالها لن تكون مضطرًا لسؤال أحدهم عن كتاب جيّد، سيمكنك أن تعتمد على نفسك، بل وتصبح مرجعًا في ذلك 🙂
ننصح كل شخص جديّ في تثقيف نفسه وبنائها عن طريق القراءة أن ينضم لهذه الشبكة.
مؤخرًا تمّ إطلاق شبكة اجتماعيّة عربيّة شبيهة بالجودريدز وهي شبكة أبجد abjjad.com
المواد الصوتيّة:
ميزة المادّة الصوتية هي إمكانية سماعها بدون التقيد، فأنت عندما تقرأ كتاب تجلس وتقرأ فقط، أما في حالة الاستماع فيمكنك الاستماع بينما تقوم بترتيب منزلك أو قيادة سيارتك أو ممارسة التمشيّة .. وهذا ما يفسّر أن نسبة الإقبال على الصوتيات أكبر منها على المقروءات.
الكتاب العربي المسموع
الكتاب المسموع
المكتبة العربية الصوتيّة
المواد المرئيّة:
الدروس المرئيّة مفيدة جدًا وتفتح آفاقًا واسعة، المحتوى العربيّ المرئي ضعيف للأسف، ومعظمه متوفر على موقع اليوتيوب.
بالإضافة إلى شبكة علوم العرب للأفلام الوثائقيّة، من المواقع الإنكليزية الشهيرة في تعلم التقنيّة وما يرتبط بها شبكة ليندا
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :