حسن مطلق – عنب بلدي
متجاوزة عشراتٍ من أمثالها، ربما تتساقط الآن على مدينة دوما أو غيرها من مدن وبلدات الغوطة الشرقية، اخترقت بضع رصاصات وقذائف هاون ملونة حاجز الحصار، لتستقر صورًا على جدران قاعة للمعارض في مدينة كولونيا الألمانية.
سبع لوحات عبّرت عن السلام وأظهرت تاريخ وعراقة وفكر شعب بأكمله، مجسدة العراقة الدمشقية القديمة والتاريخ الإسلامي الذي يحمل المحبة لجميع الشعوب في طياته، رفض صاحبها أن تبقى حبيسة منزله وصفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، وشارك بها مع 30 فنانًا من أقرانه السوريين في معرض “الفن السوري” في ألمانيا.
“الشعب السوري تواق للسلام والسلم وصاحب حق وقضية وليس إرهابيًا”، كما يرى الفنان أكرم سويدان في حديثه إلى عنب بلدي، فمشاركته في المعرض الذي يستمر من 6 إلى 19 آب الجاري، جاءت كرسالة للمجتمع الأوروبي للتعريف بما يحصل يوميًا في مدينته دوما والغوطة الشرقية ككل تحت عنوان “سوريا الفن والهروب”.
لم يستطع سويدان حضور المعرض لشرح رسالة فنه في زمن الحرب والحصار، وربما لم يوصل التسجيل المصور الذي عرض على الحضور خلال افتتاح المعرض إحساسه الحقيقي لدى استخراجه أدوات القتل التي ترميها طائرات النظام على الغوطة، وخطوات تنظيفها وزخرفتها لتظهر في النهاية تحفة فنية.
يفتخر الفنان الملقب بـ”أبو الفوز” وصاحب الـ37 عامًا بتمثيله مدينته خارجيًا، مكررًا أحاديث يومية تدور رحى نقاشاتها في بقاع مختلفة من سوريا مفادها أنها “مصرون على النصر ومواصلة الدرب ضد النظام السوري لنيل الحرية”.
عشرات الأعمال الجديدة تنتج في ظل الحرب، ومثلها ما يعمل أبو الفور عليه، وكما يقول فإنها لن تنتهي إلا بانتهاء حياته أو وقف آلة القتل، فهي ما زالت تزين منزله المتواضع رغم أنها شاركت إضافة إلى كولونيا بأربعة معارض خارجية شملت قطر وأمريكا والسويد وفرنسا.
رغم أن الشاب الدوماني يعمل ضمن إمكانيات بسيطة، فهذه الصناعة تحتاج موادًا محددة وظروفًا بعيدة عما تعيشه الغوطة الشرقية اليوم، والتي تشتت ذهن أبو الفوز، إلا أن إمكانياته المتواضعه لم تثنيه عن عمل يومي يرى أنه لاقى صدًى كبيرًا ورسم البسمة على وجوه الناس.
وبدأ سويدان مزاولة مهنة الرسم منذ صغره، حتى أتم المرحلة الإعدادية، وعمل في إكساء المنازل والديكور، إلا أنه استمر بمصارعة مخلفات الحرب بألوانه الزيتية محولًا إياها إلى إبداع لا يحتاج ناظره إلى كلام أو شرح ليفهمه.
“لا أحلم بالخروج من الغوطة إلا مع انتصار الثورة وانتهاء الحرب في مدينتي”، كلمات على لسان سويدان ربما كانت ستضفي وقعًا أكبر في نفوس من حضر المعرض، لو أنها صدرت عنه هناك. ويحلم الفنان الثلاثيني أن يدور سائحًا لا لاجئًا حول العالم، ليُسمع صوت الداخل السوري ويحمل بطاقة تعريفية عن المجتمع والثقافة السورية