عنب بلدي – العدد 74 – الأحد 21-7-2013
تمر الثورة برمضانها الثالث في صدمة مستمرة لأبناء الشعب السوري الذي راهن على الانتصار بنجاح ثورته مع مطلع الرمضان الأول، ليؤجل فرحته إلى العيد الصغير فالعيد الكبير فرمضان الثاني فالأعياد مجددًا.. وهكذا تدخل الثورة شهرها الـ 29 لتتلاشى معه -في المزاج الشعبي على الأقل- أية أحلام بانتصار وشيك، أو نهاية سعيدة توازي حجم الآلام التي خلفتها تلك الشهور، ولتنبت في صدور السوريين مخاوف وهواجس من المستقبل الذي بدأ أصحاب المصالح السياسية والعقائدية والقومية يتقاسمونه على مرأى من أعين الشعب، الذي ما طمح لأكثر من الحرية والكرامة، وقدم في سبيل ذلك دماء شبابه ونشطائه ومفكريه. فبين جبهة النصرة، والهيئات الشرعية ودولة العراق والشام، وأخيرًا مشروع دولة الأكراد المتزامن مع عملية التقسيم الطائفي التي يقوم بها النظام، يضيع مشروع غياث مطر، ويحيى شربجي، ومشعل التمو، وباسل شحادة، (وغيرهم كثيرون)، ويقف السوريون حائرون عاجزون حتى عن التعبير عن خيبتهم ويأسهم.
لنتوقف للحظة عن إلقاء اللوم على نظام الأسد، الذي لم يعد يحتاج منا مزيدًا من الجهد والبلاغة لإثبات شيطانيته وهمجيته وإجرامه. دعونا نقر بمسؤوليتنا نحن تجاه أنفسنا، نحن الشعب، البيئة الحاضنة لكل هذه الانقسامات والخلافات. لن تبرر لنا دماء شهدائنا وآلام معتقلينا وكرامة مهجرينا -التي استبيحت في البلاد العربية- المزيد من الصمت والتغافل والتهرب من المسؤولية الحقيقية في إعادة تصويب مسار الثورة. ولا بد لحملة السلاح منا أن يفهموا أنه لا نصر على نظام الأسد مالم نتفق، مالم نتحد، مالم نتجاوز الخلافات، ونوحد الجبهات، لا أن نطحن أنفسنا بالرصاص من أجل راية أو عنوان دولة أو مشاريع قومية ودينية. دعونا نقر بمسؤوليتنا مجددًا، كإعلاميين، كنشطاء، كسياسيين، كرجال دين ومفكرين، كفانا هراءً في اتهام وتخوين بعضنا البعض، كفانا تضاربًا في المواقف والتصريحات.. دعونا نقف بصدق أمام أنفسنا، ولنتأمل بعناية جسد عدونا المتماسك بتشرذمنا أولًا، وبوحدة قراره وأهدافه ثانيًا.