تضيق رقعة الأراضي الخاضعة لسيطرة “الجيش الحر” في مدينة داريا بشكل يومي، في ظل استمرار قوات الأسد بسياسة “القضم” من محوريها الجنوبي والغربي.
خلال تموز المنصرم، أحرقت قوات الأسد الأراضي الزراعية على المحور الغربي، والجنوبي الغربي، قبل أن تسيطر عليها بشكل كامل، وتصبح كاسحات الألغام والدبابات على مشارف الأبنية السكنية.
“نحن في دائرة مغلقة تتقلص كل يوم.. والنظام يتقدم على أرض محروقة”، هو وصف مراسل عنب بلدي للواقع الميداني في داريا، راصدًا اليوم، الخميس 11 آب، ما استقبلته المدينة “نحو 40 برميلًا متفجرًا وعشرات القذائف المتنوعة وصاروخ كبير بقدرة تدمير هائلة”.
منذ مطلع العام الجاري، وداريا دون أي طريق إمداد، بعدما فصلتها قوات الأسد عن جارتها معضمية الشام (إلى الغرب)، ليدق مجلسها المحلي ناقوس الخطر حول مجاعة وأوضاع إنسانية كارثية قد تشهدها في مقبل الأيام.
لكن ذلك لم يقابل بتحركات جادة من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة، بل زادت قوات الأسد من زخم عملياتها منذ منتصف أيار الماضي، وعززت من حصارها المدينة و”قضم” أراضيها.
الأسئلة تدور في أذهان نحو ثمانية آلاف مدني في داريا، بحسب ما رصدت عنب بلدي “هل ستسيطر قوات الأسد على المدينة؟ ما هو مصيرنا؟ هل نحن أمام مذبحة مقبلة؟ هل يتحرك أحد لنصرتنا ويتفح الطريق؟”، باعتبار أن المدينة مغلقة بشكل كامل ولا يوجد أي منفذ سري أو علني.
وتشير المعطيات الميدانية إلى أن النظام ماضٍ في عمليته العسكرية، ليخنق مقاتلي “الجيش الحر” والمدنيين على حد سواء في رقعة ضيقة جغرافيًا، ويستنزف القدرات العسكرية لفصيلي المدينة الرئيسيين، ثم يملي شروطه بالتسليم والاستسلام.
إلا أن العملية برمّتها باتت استنزافية لقوات الأسد أيضًا، فلا يمر يومٌ إلا وتنعي الصفحات الموالية مقتل عناصر وضباط على جبهة داريا، عدا عن تدمير عشرات الآليات والمدرّعات في الآونة الأخيرة، ما يرجح لجوء النظام إلى التفاوض مع المجلس المحلي.
يعيش نحو ثمانية آلاف مواطن في رقعة جغرافية لا تتجاوز 4 كيلو متر مربع، في عمق مدينة داريا، وسط حصار مستمر منذ تشرين الثاني 2012، وقصف وعمليات عسكرية مستمرة بشكل يومي.