بكثير من التفاؤل والحماس ينظر إلى اللقاء الذي سيجمع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في مدينة بطرسبرغ الروسية، وبالتحديد في قصر “الأباطرة” والذي شهد بعضًا من الخطط العسكرية الروسية ضد السلطنة العثمانية في عهد الصراعات بين الأمبرطوريتيتن خلال العصور الماضية.
كثيرة هي التحليلات والمخرجات التي تنبأ بها المحللون والكتاب من الجانبين لنتائج مثل هذا اللقاء، الذي يأتي في وقت حساس لروسيا وتركيا التي خرجت من محاولة انقلاب فاشلة، في 15 تموز الماضي، ويتوقع أن ينهي اللقاء الفتور بين البلدين على خلفية إسقاط مقاتلة “SU-24” الروسية، بعدما اخترقت أجواء تركيا على الحدود السورية العام الماضي.
لعل من أبرز المواضيع التي سيتم طرحها على طاولة الزعيمين، الأزمة السورية المستعصية على الحل، فبعد أن مهد قرار مجلس الأمن الدولي “2254” لحل سياسي وفترة انتقالية مع بداية آب الجاري، لم يتحقق ذلك، ولم تنطلق جولة جديدة من المفاوضات بين المعارضة والنظام في جنيف.
وما يزيد المشهد تعقيدًا تبدل الخرائط العسكرية سريعًا على الأرض، وتقدم “جيش الفتح” وفصائل “الجيش الحر” في حلب، ما أدى إلى خلط أوراق المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي مستورا، الذي يتوقع أن يقدّم، اليوم 9 آب، إحاطة إلى مجلس الأمن عبر الفيديو، حول آخر التطورات وأفق الحل في سوريا.
تنقل صحيفة “إزفيستيا” الروسية عن مصادرها، بأن اللقاء التركي- الروسي، سيناقش إنشاء قنوات لتبادل المعلومات بين العسكريين الروس والأتراك، وعقد بروتوكولات تنظّم تصرّف المقاتلات الحربية أثناء تحليقها.
وفي الوقت الذي يبدي فيه البلدان حاجتهما لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها، يأمل السوريون بأن يكون ذلك بداية نهاية أزمتهم، حيث يمكن لأنقرة أن تستفيد من علاقاتها الجيدة مع موسكو بحثها على الضغط على النطام السوري للقبول بتسوية سياسية تنقذ سوريا.
أما المعارضة السورية، فقد تباينت وجهات نظرها حول الزيارة وأهدافها، وكيف ستنعكس على الأرض.
ورأى رجل الأعمال البارز، والمستشار العام لتيار الوعد السوري، فراس طلاس، أن الاقتصاد أولًا، ومن ثم حسابات آسيا الوسطى، والعلاقة مع أمريكا وأوروبا، وموازنة العلاقه مع حلف الناتو، وسوريا ورؤية كل طرف منهما للحل، هي أولويات اللقاء بين بوتين وأردوغان، وذلك تعقيبًا “على رأي بعض السوريين أن سوريا مركز الكون، وأنهم مركز سوريا”.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال عشية الزيارة، في تصريحات لوكالة “تاس” الروسية، إن “روسيا لاعب أساسي وشديد الأهمية من أجل إحلال السلام في سوريا”، مشيرًا إلى أن “هذه المشكلة ينبغي تسويتها من خلال تدابير مشتركة تتخذها روسيا وتركيا”.
توجّس من تراجع تركي
التأكيد التركي على الدور الروسي في الحل يخشى منه، وفق محللين سياسيين، أن يكون مجالًا جديدًا يمكّن الروس من اللعب فيه لصالح النظام السوري، بعدما بدى واضحًا الانسحاب الأمريكي من الملف واقتصار تدخلات إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في المجالات الإنسانية وضرورة فك الحصار من قبل قوات النظام، المسؤولة عن 80% من حالات الحصار في سوريا، وفق سامانثا باور، مندوبة واشنطن في الأمم المتحدة.
المعارض السوري، وعضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، أحمد رمضان، قال في اتصال مع عنب بلدي، حول انعكاسات الالتقاء الروسي- التركي، إن “تركيا ملتزمة بدعم الشعب السوري مقاومته لنظام الاستبداد، وتحت أي ظرف لن تتخلى عن دعمها للسوريين، ومن هنا نعتقد أنّ أي علاقات ستتشكل بين الطرفين سيكون لها انعكاس إيجابي على الانتقال السياسي في سوريا”. مشيرًا إلى أن روسيا أدركت مؤخرًا استحالة الحل العسكري وفق ما كانت تعتقد هي والنظام السوري.
ووفق رمضان فإنه “ينبغي على القيادة الروسية أن تراجع موقفها من دعم الديكتاتورية في سوريا وأن تدعم خيار السوريين في تشكيل النظام السياسي وشكل نظام الحكم”.
واعتبر المعارض السوري أن معركة حلب الأخيرة، حيث تقدمت قوات المعارضة وكسرت الحصار، أنهت طموحات عدة أطراف استثمرت في معركة حلب من قبل، ووصفتها بالمصيرية وهي: إيران، وحزب الله اللبناني، وروسيا، والنظام السوري، ودفعتهم باتجاه آخر.
مشيرًا إلى أنه لا بد من انتقال للسلطة نحو نظام مدني حر ديمقراطي، داعيًا القيادة الروسية إلى استغلال هذه اللحظة للشروع في عملية سياسية جادة، وليس فقط الدخول في مفاوضات تهدف إلى المناورات من أجل تحسين الوضع على الأرض.
مطلب إغلاق الحدود
نادت موسكو بشكل دائم بضرورة إغلاق الحدود التركية- السورية، وقطع الإمدادات، وتعلن أنقرة باستمرار عن دعمها للمعارضة السورية في تطلعاتها لتحيق العدالة والديمقراطية، وترى موسكو أن إغلاق الحدود مطلب أساسي من أجل الحد من تدفق الإمدادات والأسلحة للمقاتلين في سوريا، وهذه نقطة خلافية بين الطرفين.
وفي جانب آخر، ينظر إلى اللقاء على أنه سيمهّد لاتفاق تركي- روسي وتعاون عسكري في سوريا، ووفق معلقين فإن الرزمة المقترحة للتعاون تكاد تكون نسخة حرفية عن اتفاقات أبرمتها موسكو مع واشنطن وتل أبيب، وفق ما ذكرت صحيفة الحياة اللندنية، لجهة إنشاء قنوات لتبادل المعلومات بين العسكريين الروس والأتراك، وعقد بروتوكولات تنظّم تصرّف المقاتلات الحربية أثناء تحليقها، داخل سوريا وعلى الشريط الحدودي.
وكان اقتصاد البلدين المتضرر الأكبر من توتر العلاقات، وهذا ما يفسر طبيعة الوفد التركي الذي يرافق أردوغان والذي يضم شخصيات اقتصادية ووزراء، حيث يتشارك البلدان بمشاريع واستثمارات ضخمة قيمتها مليارات الدولارات، كما يزور تركيا سنويًا نحو أربعة ملايين سائح تركي وتستورد تركيا معظم احتياجاتها من الغاز من روسيا، ومن المتوقع أن يستمر نمو التبادل التجاري المقدر بحوالي 30 مليار دولار سنويًا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :