نجحت فصائل المعارضة السورية في فك الحصار عن الأحياء الشرقية لمدينة حلب، وسعت من مناطق سيطرتها في المدينة، لتشمل حي الراموسة بالكامل وتجمع الكليات العسكرية، ومشروع “1070 شقة” التابع إداريًا لحي الحمدانية.
العملية التي استمرت فعليًا سبعة أيام، ابتداءً من 31 تموز وحتى 6 آب الجاري، أظهرت انهيارات غير متوقعة في صفوف قوات الأسد والميليشيات الأجنبية والمحلية، رغم كثافة القصف الروسي الذي حاول إيقاف تقدم الفصائل في الراموسة، دون جدوى.
وفي بيان نصي لـ “جيش الفتح”، الأحد 7 آب، أعلنت غرفة العمليات إطلاق معركة السيطرة عل مدينة حلب بالكامل، وأنها ضاعفت أعداد مقاتليها، مطالبة مقاتلي الأسد في المدينة بتسليم أنفسهم والانشقاق عن النظام قبيل بدء المعارك، الأمر الذي ألمحت له غرفة عمليات “فتح حلب” أيضًا.
لكن هذه المرحلة من معارك حلب لن تكون كسابقتها، وفقًا لآراء عسكرية مختلفة، فهي تتطلب التركيز على عدة محاور من المدينة بغية تشتتيت قوات الأسد، وربما يمتد العمل العسكري إلى أسابيع عديدة وربما أشهرًا.
ووفقًا لمعلومات حصلت عليها عنب بلدي من مصدر عسكري مقرب من “جيش الفتح” فإن ثلاثة محاور قد تشعلها المعارضة خلال الأيام القليلة المقبلة، في مسعىً جاد لإحداث خرق في الدفاعات الأولى عن الأحياء الغربية، وأهمها هو محور الحمدانية.
مشروع “3000 شقة”
من المرجح أن تنطلق العمليات من محور الحمدانية في الجهة الجنوبية الغربية من مدينة حلب، ولا سيما بعدما نجح “جيش الفتح” فعليًا في السيطرة على المشروع “1070 شقة” التابع للحي الأوسع في المدينة.
يجاور الـ “1070 شقة” مشروع “3000 شقة” من الجهة الشمالية، وهو الذي شهد نزوحًا واسعًا لسكانه خوفًا من اقتراب المعارك، وعقب إعلانه منطقة عسكرية من قبل المعارضة.
إن السيطرة على المشروع “3000 شقة” يجعل “جيش الفتح” على تماس مباشر مع الأكاديمية العسكرية، وهي أكبر مركز عسكري للنظام السوري في المحافظة، وتمتد على مساحة 1.5 كيلومتر مربع، لتكون هذه القاعدة هي العائق المتبقي، إلى جانب استاد الحمدانية الدولي، لتبسط المعارضة نفوذها الكامل على حي الحمدانية، والمدخل الجنوبي للمدينة (دوار الموت).
قلعة حلب
تعدّ قلعة حلب أهم معلم أثري في المدينة، وتتربع على تلة عالية تشرف على أحياء حلب القديمة، وجعلت منها قوات الأسد منذ مطلع الاحتجاجات قاعدة عسكرية هامة، ولا سيما عقب سيطرة “الجيش الحر” على الأحياء الشرقية والجنوبية في محيط القلعة.
وترجّح مصادر عنب بلدي أن هذا القطاع الهام وسط حلب قد يشهد مواجهات متزامنة مع معركة الحمدانية، في محاولة لتشتيت قوات الأسد ومنعها إرسال تعزيزات إلى المناطق المشتعلة، وفي سعي جاد للسيطرة على القلعة، رغم أن طرد قوات الأسد منها لن يكون سهلًا.
إن نجاح المعارضة في السيطرة على القلعة الأثرية، يؤدي بالتالي إلى إحكام القبضة على محيطها من الجهات الأربعة، وهذا يعني عسكريًا سيطرة “الجيش الحر” على تلة حاكمة ومطلة على الأحياء الخاضعة للنظام من الجهة الغربية.
الكاستيلو
لا يزال طريق “الكاستيلو” الشمالي في حسابات المعارضة، رغم الاستعاضة عنه بطريق الراموسة الجنوبي ليكون شريانًا رئيسيًا يغذي الأحياء الشرقية، فالسيطرة عليه اليوم تعزل الأحياء الغربية بشكل كامل عن محيطها، ويجعل قوات الأسد محاصرة دون أي طريق إمداد.
لكن استعادة “الكاستيلو” قد تكون شبه مستحيلة وفقًا للمعطيات فالثقل العسكري لقوات الأسد والميليشيات الأجنبية (حزب الله، الأفغان، الإيرانيين..) تتركز هناك، كما أن الطيران الروسي يركز تمشيطه المناطق المحيطة بالطريق، ولا سيما بلدة كفر حمرة ومخيم جندرات.
ورغم ذلك، فإن المصدر العسكري أكد لعنب بلدي أن الفصائل العاملة في “فتح حلب” ستشن هجمات مركزة على الطريق، انطلاقًا من مخيم حندرات، الذي فشلت قوات الأسد في فرض سيطرتها عليه مرارًا، وهو ما يجعل “الكاستيلو” طريقًا عسكريًا غير آمن بالمطلق، وبالتالي يضعف من الإمدادات العسكرية إلى الأحياء الغربية.
لا حلول أمام النظام السوري لمواجهة هذه المخططات، سوى استعادة الراموسة والكليات العسكرية في المنطقة الجنوبية، وهو ما يبدو صعبًا خلال هذه المرحلة، نظرًا للخسائر الكبيرة التي منيت بها قواته والميليشيات الرديفة خلال الأيام الماضية.