أحمد الشامي
مخطئ من يعتبر أن الحرب الضارية التي تدور رحاها على التراب السوري تخص السوريين وحدهم. الدليل على الطابع اﻹقليمي للصراع يكمن في تزامن محاولة الانقلاب الدموية التي قام بها ضباط اﻷقليات في “تركيا” بالتعاون مع جماعة “فتح الله غولن” بحجة “حماية الديمقراطية والعلمانية”، مع تصعيد العدو هجمته على “حلب” بهدف حصارها وقطع طرق الاتصال بين الثوار السوريين و”تركيا”.
نظام العصابة وداعموه من ميليشيات وحرس ثوري قاموا بالمهمة على أكمل وجه، مستفيدين من غطاء جوي وناري روسي، ورضى أمريكي وإسرائيلي وحتى عربي. سقوط “حلب” بيد نظام العصابة وحلفائه كان سيعني تهجير مئات آلاف السوريين السنة إلى “تركيا” ومنها، ربما، إلى “أوروبا” وهو ما يسعد “بوتين” و”أوباما” وأصدقائهما الراغبين في إضعاف القارة الأوروبية.
عزل “حلب” عن جوارها التركي ثم وصلها بالجيب الكردي باستخدام “قوات سوريا الديمقراطية”، والتي لديها تفاهمات مع نظام العصابة وداعميه عبر العراب اﻷمريكي، كان سيعطي الجيب الكردي عاصمة سيتم تغيير التوازن السكاني داخلها بما يلائم أهداف جماعة “صالح مسلم” وحلف الشر اﻷسدي الروسي اﻹيراني.
كان مرسومًا لاندفاعة جيوش الاحتلال الشيعية-الروسية أن لا تتوقف عند “حلب”، فبعدها سيتم الانتقال إلى “إدلب”، ثم إنهاء كل مقاومة لنظام اﻷسد وللاحتلالين الروسي واﻹيراني عبر سحق كافة الفصائل الثائرة دون استثناء، وترك الشرق السوري الصحراوي “لداعش”، بما يعني عمليًا تقسيم سوريا إلى ثلاثة أجزاء ترضي الجميع ما عدا السوريين واﻷتراك!
“سورية مفيدة” في الغرب تمتد من غرب حلب حتى الجنوب وتضم دمشق، حمص، حماة والساحل، وصولًا إلى اﻷردن وخط فض الاشتباك مع العدو الصهيوني الذي سيعود لعهدة نظام الممانعة، مما سيرضي “إسرائيل” و”الأردن” وأمريكا وروسيا.
الكيان الكردي في الشمال سيكون خنجرًا في الخاصرة التركية، حتى لو لم يعلن استقلاله، وحتى لو حافظ على قشرة عربية تغطي السيطرة الكردية التامة على مقدراته.
“داعش” التي يدعي الجميع معاداتها “على الورق”، سوف تحتفظ بمعاقلها الصحراوية البائسة بعد أن يتم إخراجها تدريجيًا من الحواضر التي تحتلها، بحيث تتحول “داعش” لدولة هلامية تذيق السنة وحدهم الويلات وتخدم كمخلب قط لكل عدو أجنبي يجيد التفاهم مع “البغدادي”. باختصار تحويل “داعش” إلى نسخة مشرقية من “بوكو حرام”.
هناك خاسرون كبار في هذا السيناريو المتكامل (انقلاب تركي وسقوط حلب) أولهم اﻷتراك والسوريون، كل اﻷتراك والسوريين المحبين لوطنهم، الخاسر الثاني هو “تركيا”، الدولة التي ستتحول لدولة فاشلة ومعزولة خاضعة للغرب يحكمها “أسد” تركي. الخاسر الثالث هم السعوديون الذين لن تبقى لديهم أي وسيلة ضغط على حلف الشر.
بإمكاننا أن نتصور السيناريو الكارثي التالي، “حلب” تسقط والانقلاب التركي ينجح ويختفي “اردوغان” وحزب “العدالة والتنمية” لصالح مجموعة من اﻷفاقين، ضباط من اﻷقليات متفاهمون مع مهووس اضطهادي “يتحدث مع الله…” يعيش في الولايات المتحدة وسيعود على متن “جامبو” إلى “أنقرة” ليمنح الانقلابيين غطاء شرعيًا.
هذا ليس سيناريو “الخميني” ﻷن “غولن” ليس”الخميني”. هذا هو سيناريو “اﻷسد” وزمرته من الضباط الذين تحالفوا مع “شيوخ السلطان”، الراكضين وراء متاع الدنيا، مثل “أحمد كفتارو”، وشتان بين هؤلاء وبين “الخميني” أيًا يكن موقفنا من الراحل.
مقابل “تطويب” الدولة التركية لهؤلاء اﻷفاقين من قبل الغرب الذي سيعترف فورًا بهم، كان هؤلاء سيتركون “حلب” تسقط في يد حلف الشر على نمط “الانسحاب الكيفي”من القنيطرة والذي سمح للأسد بالسيطرة على سوريا، وهو ما ندفع ثمنه كل يوم.
فشل الانقلاب التركي هو الذي سمح بتحويل “حلب”إلى “خازوق” يتمتع به أفراد حلف الشر.