أحمد حاج بكري – اللاذقية
تحاول مئات العائلات السورية النازحة العبور إلى الأراضي التركية يوميًا، من قرية خربة الجوز في ريف إدلب الغربي، وعبر الجبال الواصلة بين الأراضي السورية والتركية، وبينما ينجح عدد قليل في العبور إلى داخل تركيا، تفشل الغالبية في اجتياز الحدود، بسبب التشديد الأمني المكثف من الجانب التركي.
وكانت العائلات اعتادت العبور إلى تركيا عبر قرية اليمضية في جبل التركمان بريف اللاذقية، إلا أن التقدم الذي حققته قوات الأسد على جبهات الساحل، وقصفها المتكرر للقرية، جعل معظم العائلات تتجه إلى قرية خربة الجوز.
وعدا عن مشقة الطريق، والتعرض لإطلاق النار من قبل حرس الحدود التركي (الجندرمة)، يخضع النازحون عبر الطرق غير الشرعية إلى تركيا، لاستغلال المهربين ماديًا، إضافة إلى عمليات النصب والاحتيال.
وتمكّن محمد حاج محمود، وهو شاب ثلاثيني من ريف اللاذقية، من التوصل إلى أحد المهربين، بعد اتصالات دامت أكثر من أسبوع، واتفق معه على تأمين دخوله إلى تركيا، مقابل مبلغ 600 دولار.
المهرب وعد حاج محمود بإدخاله عبر طريق سهل لا تتجاوز مسافته كيلومترين، على عكس ما جرت العادة بقطع سبعة كيلومترات عبر الجبال الوعرة، كما أكد له أن العبور سيتم من طريق عسكري تركي، دون أن يتم اعتراضهم.
وأضاف حاج محمود لعنب بلدي أن المهربين تخلوا عنه مع عددٍ من النازحين بعد قطعهم مسافة كيلومتر واحد داخل الأراضي التركية، “طلبوا أن ننتظرهم هنا ريثما يقوموا بكشف الطريق لنا، وانتظرنا أكثر من ثلاث ساعات، لكنهم لم يعودوا، فاضطررنا للسير بمفردنا ضمن الجبال، وكنا نتمنى أن تمسك “الجندرمة” بنا، بدلًا من أن تطلق النار علينا كما حصل مع غيرنا مسبقًا”.
وبالفعل، قامت “الجندرمة” باحتجازهم ومصادرة هواتفهم النقالة إلى اليوم التالي، حيث تم نقلهم إلى معبر “باب الهوى” ومن ثم ترحيلهم إلى سوريا، “عدت الآن إلى خربة الجوز وأنتظر أن يوفقني الله بطريقة دخول سهلة إلى تركيا”.
ويتهم ناشطون “الجندرمة” التركية بقتل عشرات المدنيين العابرين للحدود التركية السورية بطرق غير شرعية، وآخرها في حزيران الماضي، إذ قتلت 11 مدنيًا سوريًا، معظمهم نساء وأطفال، أثناء محاولتهم دخول تركيا، قادمين من معبر قرية خربة الجوز.
أما عبير محمد، من ريف دمشق، فحالفها الحظ بالوصول إلى الأراضي التركية مع طفلها الوحيد، بعد رحلة عذاب امتدت أكثر من شهر منذ مغادرتها ريف دمشق، وفق ما روت لعنب بلدي.
وبعد وصولها إلى قرية خربة الجوز، قام أحد المهربين بأخذ مبلغ مالي منها مقابل إدخالها الأراضي التركية، “أبلغته بعد مرور يومين أنني سأحاول العبور مع مهرب آخر فأخبرني أنه لن يرد إلي المال، ما اضطرني لانتظاره أسبوعًا كاملًا، وفي النهاية عبرت إلى تركيا مع مهرب آخر، بعد أن تركني الأول وسرق مالي”.
وسعيًا للحد من عمليات النصب والتزوير، واستغلال المهربين، أعلنت إدارة معبر باب الهوى الحدودي، في 28 تموز، عن مكافأة (تسهيل عبور إلى الجانب التركي) لكل من يساعد في كشف المهربين، المتورطين بعمليات تسهيل دخول السوريين إلى تركيا بشكل غير شرعي.
ويرى ناشطون سوريون أن الخطوة تأتي في ظل اتهامات بالرشاوى لعددٍ من العاملين في المعبر الذين يساهمون في عمليات التهريب، بينما يتحدث آخرون عن محاولات لتزوير أرقام دخول السوريين إلى تركيا.