لاجئون يشترطون “الجنسية” مهرًا لبناتهم في أوروبا
ليان الحلبي – عنب بلدي
“ما منعطي ابنتنا للاجئ.. بدنا جنسية”، جواب صادم من عائلة سورية لاجئة، ردًا على طلب شاب سوري خطبة ابنتهم في فرنسا، وهو نموذج لظاهرة باتت واقعًا ملفتًا في الآونة الأخيرة، بين أوساط اللاجئين السوريين.
الظاهرة بدأت تأخذ صدىً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، في انتقادٍ واضحٍ لسلوك العائلات السورية في المغترب، وعدم مراعاة ظروف مماثلة لشباب أجبرته الظروف على الهجرة.
مهورٌ خيالية، ومتطلبات غير واقعية، و”طبقية” في درجات اللجوء بين حاصلٍ على الإقامة أو ينتظر، هي أعباء إضافية أصبحت تواجه اللاجىء السوري المقبل على الزواج في المهجر.
لم يكن عامر، وهو شاب جامعي سوري من عائلة “محترمة”، يتوقع قيمة المهر الذي طلبته عائلة الفتاة، التي توجه لخطبتها في باريس، إذ طلبت العائلة مبلغ 30 ألف يورو.
وقال عامر، الذي رفض التصريح باسمه الحقيقي لـ “أسباب شخصية”، “هم اعتبروا أن هذا المبلغ يساوي قيمته القديمة، حين كان اليورو يساوي 66 ليرة، أي أنه يقابل مليون ليرة سورية مقدم ومليون مؤخر”.
وبعد طلب مهلة للتفكير، وافق عامر على الطلب لإعجابه بالفتاة، وعاود زيارتهم مع صديقه لإبلاغهم بقراره، ليتفاجأ بالرفض مجددًا، بحجة أنه لاجىء، ويضيف “سألتهم عن نوع إقامتهم في فرنسا، فأجابوا أنهم لاجئون ولكنهم يريدون شابًا يملك الجنسية كي لا يولد الأطفال مستقبلًا كلاجئين، وتلازمهم الصفة طوال عمرهم، وأضافوا أنه من غير اللائق أن يسألهم الناس عن صهرهم فيقولوا أنه لاجىء”.
كانت صدمة عامر كبيرة وتملكه إحباط نفسي شديد، وحاول هو وصديقه تمالك نفسيهما والخروج من منزل العائلة بهدوء، وفق ما يقوله لعنب بلدي. واعتبر داني، صديق عامر الذي رافقه في زياراته، هذه الطلبات غير عقلانية، ولا تراعي الظروف الحالية والاستثنائية للشعب السوري.
وأضاف داني أن العائلة كانت جادة في طلباتها ولم تكن نيتها “التطفيش”، لافتًا إلى انتشار مثل هذه القصص بكثرة بين السوريين في فرنسا، “لقد أصبح طموح الفتاة أكبر من واقعها للأسف، وحين نطرق بابهم ونطلب بناتهم فذلك لأننا سوريون، وثقافتنا وأعرافنا واحدة، ولا نكترث لنوع إقامتنا وإقامتهم، (مو تجرة الشغلة)”.
الظاهرة كانت منتشرة أساسًا في المجتمع السوري قبل الثورة، بحسب الاختصاصية الاجتماعية أسماء رشدي، التي ربطت الأمر بطريقة تفكير الأشخاص، “بعض الأهالي يريدون ضمان حق ابنتهم، خاصة مع ارتفاع معدلات الطلاق بين السوريين اللاجئين في أوروبا”، مشيرة إلى أن بعض الشباب يتعاملون بنوع من “الاستخفاف” تجاه الفتاة صاحبة المهر المنخفض، وتجاه أهلها أيضًا.
ولم يكن وضع مازن أفضل حالًا، حين توجه لخطبة فتاة تعرف إليها عن طريق العلاقة بين عائلتيهما، وبقي يتواصل معها عبر مواقع التواصل الاجتماعي حوالي الشهر.
ولم يخفِ الشاب الثلاثيني، المنحدر من اللاذقية، خلال تواصله مع الفتاة وضعه المادي، كونه ما زال يشق بداية طريقه في السويد، وكانت الفتاة وصلت حديثًا إلى السويد أيضًا، وأقامت عند أخيها الذي سبقها في اللجوء مع عائلته.
وبعد حوالي الشهر، قرر مازن زيارة منزل الأخ، الذي يبعد عن مدينته أكثر من 800 كيلومترًا، بغية التعرف على الفتاة بشكل رسمي. ويصف الزيارة الأولى بأنها “جلسة استماع إلى الأخ وهو يسرد أمجاده في إحدى دول الخليج، والشركات التي كان يمتلكها هناك”.
وكان أول كلام افتتحت به الفتاة حديثها في اليوم التالي، هو مقدار المهر المطلوب، “طلبوا 15 ألف يورو، رغم أنهم يعلمون وضعي المادي، إنها 7 ملايين ليرة، وأنا لا أملكها حتمًا، لذا رفضت بالطبع وأنهيت علاقتي بالفتاة”.
“الجشع المادي، والجهل بالدين وتعاليمه، وتحويل الفتاة إلى سلعة، هي الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة”، بحسب الاختصاصية النفسية تهاني مهدي، التي أكدت أن ما يحدث هو امتداد لعادات وتقاليد نشأ عليها السوريون في مجتمعهم منذ الصغر.
وأضافت مهدي أن الفتاة التي تشترط الجنسية في الشاب “تريد اختصار رحلة طويلة، والتفاخر بين أصدقائها وأقاربها، وكذلك مساعدة نفسها وعائلتها قانونيًا”.
وأشارت مهدي إلى أنه لا يمكن التعميم، فالكثير من الشباب يبحثون عن فتاة تمتلك الجنسية أيضًا، كما تبحث كثير من العائلات عن الشاب الجيد والخلوق، دون أي متطلبات غير واقعية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :