حرق مبنى البلدية في حمص بين ادعاء المعارضة وإنكار النظام
حمص – أمير الحمصي
تشهد مدينة حمص في الفترة الحالية حملة شرسة من قوات الأسد، مستخدمةً فيها كل الأساليب الممكنة للسيطرة على مدينة اعتبرت «عاصمة الثورة السورية» وتتمتع بموقع استراتيجي وأهمية كبيرة جدًا للأسد، ويهدف النظام إلى بسط سيطرته ونفوذه وسلب هذه المدينة جميع أشكال القوة، مالية كانت أو بشرية أو معنوية ليضمن عدم قيامها بأي حراك مستقبلي يشغله عن باقي المدن السورية.
أحد أهم الأحداث في حمص التي استحوذت على اهتمام وسائل الإعلام وتحليل المراقبين هو حرق مبنى مجلس مدينة حمص (البلدية)، والغموض الذي يكتنف هذا الحدث.
يقع هذا المبنى الذي يضم دائرة المساحة والسجل العقاري لكامل مدينة حمص في مركزها، بالقرب من الساعة الجديدة ومبنى المحافظة القديم ومبنى المصرف المركزي، ويطل على حي باب هود الخاضع لسيطرة كتائب الجيش الحر، لكن بناء البلدية يخضع لسيطرة قوات الأسد منذ بداية الثورة السورية حتى الآن، ولم يحدث أن استطاعت قوات الثورة السورية أن تطال هذا البناء، وبالتالي فإن مسؤولية هذا الحريق يقع على قوات نظام الأسد أيًا كانت الأسباب والأهداف.
لابد بداية من لفت النظر إلى تضارب الأنباء الواردة من ناشطي الثورة حول سبب هذا الحريق، هل هو بسبب قصف مدفعي أو جوي، أم هو حريق مفتعل في البناء، ويرجح أن يكون حريقًا مفتعلاً، إذ تتضارب التصريحات بين تأكيد ناشطي الثورة وساستها أن ما حدث هو إتلاف متعمد للسجلات العقارية لسكان مدينة حمص، ونفى النظام هذه الأنباء جملة وتفصيلاً.
يؤكد ناشطون سوريون أن ما حدث هو خطوة في طريق تغيير البنية الديموغرافية لمدينة حمص، بغية سلب سكان حمص الذين وقفوا في وجه النظام حقوقهم المُلكية، مما يسهّل استبدالهم بسكّان موالين للنظام على أساس طائفي، ليستطيع النظام إنشاء كيانه الطائفي الموالي له الذي يمر بمدينة حمص.إلى الساحل، وفي ذات السياق أصدر الائتلاف الوطني السوري بيانًا في 1 تموز 2013 جاء فيه «يدين الائتلاف الوطني السوري قيام قوات النظام باستهداف مؤسسات الدولة بشكل متعمد في مدينة حمص، وحرقها مبنى السجل العقاري في محافظة حمص على وجه الخصوص»، معتبرًا أن مثل هذه الأفعال إنما تأتي في سياق «محاولات النظام الرامية إلى تغيير الطبيعة السكانية للمدينة».
كما دعا الائتلاف جميع المواطنين في سوريا عمومًا وحمص خصوصًا إلى «الاحتفاظ بنسخ عن المستندات العقارية ووثائق العقود وغيرها من الأوراق الرسمية»، مع ضرورة البقاء على «تواصل مستمر مع المجالس المحلية للمحافظات»، وهذا ما يؤكد استشعار ساسة الثورة لخطورة مثل هذا الحدث وعجزهم بنفس الوقت عن مواجهته بحلول مناسبة، إذ لا يوجد مثلاً مجلس محلي في محافظة حمص يمكن التواصل معه.
على الجهة الأخرى تصرح وسائل إعلام الأسد أن السجلات العقارية لمدينة حمص مؤمنة وسليمة، ونفت صحة الأنباء التي تم تداولها عن حرق السجل العقاري في المدينة، ونشر التلفزيون الرسمي صورًا لمكاتب استحدثها النظام في أماكن خاضعة لسيطرته ونقل إليها السجل العقاري والموظفين العاملين فيه، ويظهر في الصور السجلات العقارية لسكان مدينة حمص، كما قام بإجراء مقابلة مع أحد مسؤولي هذا السجل الذي نفى تضرر أي من هذه السجلات.
يرجّح بعض المتابعين أن ﻻ تكون السجلات العقارية قد أحرقت، لأنها تضم سجلات لسكان مدينة حمص جميعًا؛ سواءً المعارضين للنظام أو الموالين له، وأن النظام قام بنقل المستندات والملفات أسوة بما فعله في باقي الدوائر الحكومة المجاورة لبناء البلدية، ويبقى عند هؤﻻء غاية حرق مبنى البلدية مبهمًا.
إن مثل هذا الحدث، إن صح، يعني إهدارًا لحقوق الحماصنة على مرأى ومسمع العالم أجمع، أما إن كانت إشاعات ليست مبنية على بيّنة، فإنها تعني حربًا نفسية على سكان مدينة حمص تدفعهم لمغادرة المدينة لفقدانهم الأمل تمامًا، وهذا ربما يكون أثرًا مرتدًا لنشر أخبار غير موثقة من قبل ناشطي الثورة السورية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :