جريدة عنب بلدي – العدد الثاني عشر – الأحد 22 نيسان 2012
عندما تمر من أمام الأسواق الشعبية تسمع الأصوات التي تنادي معلنة لبضاعتها أي قطعة بعشرة ليرات، ولكن عندما تمر على صفحة وزير الاقتصاد السوري محمد نضال الشعار على الفيسبوك تقرأ خبر تفاخره بإنجازه الاقتصادي، ولكن ليس على مستوى إدارة الاقتصاد الكلي في ظل الأزمة السورية وإنما على الصعيد الشخصي. فقد أنجز الوزير فيلا أحلامه ومشروع عمره، التي كلفته مايزيد عن مليوني دولار أمريكي حسب مقال نشره موقع العربية بتاريخ 14-4-2012، ويعلق السيد الوزير على خبر إنجازه بكلمة واحدة «واخيرًا» !!.
كم تحمل عبارة الوزير «وأخيرًا» من آهات وهموم وشجون وتعب وجهود جبارة وأموال صرفها لإنجاز المهمة..! إنها معاناة من هو منهك بتحقيق إنجازاته الشخصية في عصر الأزمة وتاركًا الاقتصاد يموج في بحر من الفوضى وتخبط وتضارب في السياسات والقرارات الحكومية والاقتصادية.. كم كنا نتمنى سماع خبر أو تصريح لرجل الاقتصاد المخضرم كالدكتور الشعار عن تحسن في أداء الاقتصاد السوري وارتفاع معدّل النمو الاقتصادي الذي أصبح سالبًا أو أي خبر يبعث الأمل كانخفاض في معدل التضخم الذي بات يأكل الجميع، فقد ارتفع معدّل التضخم السنوي في شهر شباط 2012 بمقدار 21.34% مقارنة بشهر شباط من العام الماضي 2011.
في الحقيقة لا يحق لنا العتب على الوزير فهو يقوم بالاستثمار (بناء الفيلا) لخلق فرص عمل لتعويض النقص الحاصل من إحجام رؤوس الأموال المحلية والأجنبية عن الإستثمار في سورية..! فهو يستثمر من جيبه الخاص بعدما صرفت معظم أموال الموازنة العامة على تمويل سياحة الدبابات في المدن السورية ومرافقيها من الدليل السياحي ممثلة بالشبيحة.. هدفه هذا لا يحيد عن دوره كوزير فهو يسعى لزيادة معدل النمو الاقتصادي بعدما فشلت وزارته وخططها في تحريك عجلة الاقتصاد وضبط الأسعار في السوق.. إنها لتضحية كبيرة تسجل له في وقت يرفض الجميع معه الإستثمار بينما هو ينفق كل أمواله الخاصة لينهض بالاقتصاد ويخرج هو من الوزارة بإنجازت تخلد أمجاده وذكراه.
فمع عبارة وأخيرًا تحقق حلم كل عاطل عن العمل بفرصة عمل تضمن له الكرامة والعيش الرغيد..!! فيلا الوزير تشكل المحور الاقتصادي والركيزة الأساسية لنجاح السياسات الحكومية..
هل هناك مانعًا من قيام الوزير ببناء فيلا ؟
أليست هذه حرية شخصية ..!!
من المؤكد بأنها حرية شخصية ولا مانع أبدًا من القيام بذلك، لكن دعنا ياسيادة الوزير نقلب ألبوم الصور ونلقي نظرة على منازل حي بابا عمرو ومناطق أخرى ونرى ماذا حل بها..! فقد أصبحت أثرًا بعد عين، منازل ومحال تجارية تدك بالمدافع والدبابات على رؤوس ساكينيها، فتشردوا ولم يعد لهم مأوى..! المشكلة تكمن في التفاخر بالإنجاز الشخصي في وقت يموت فيه الكثيرون وتهدم بيوتهم ومنازلهم..!!
ولنسأل أنفسنا لماذا أصر أهل حي بابا عمرو على البقاء فيه رغم القصف.؟!! أليس لإيمانهم بقول الشاعر (لبيت تخفق الأرياح فيه أحب إلي من قصر منيف).؟ كيف لا وقد تحولت بيوتهم المتواضعة إلى روح واحدة وقلب واحد ينبض بالحياة.. يضحي الواحد فيهم بعمره وحياته لتستمر الحياة وليعمر البيت السوري ليس في بابا عمرو فقط وإنما في كل أنحاء سورية.. بينما سيادة الوزير قدس الله سره يصرف الملايين على قصر الأحلام وكتل اسمنتية لقضاء عطلة الأسبوع أو لقضاء يوم في الشهر أو شهرًا في السنة..!
لمحة عن حياة الوزير محمد نضال الشعار: هو من مواليد1955 حلب وحاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد النقدي والدولي من جامعة جورج واشطن، وعمل خبيرًا دوليًا لعدد من المؤسسات الدولية والعربية، وصنفته مجلة «أربيان بيرنس» في عام 2010 بين أقوى 100 شخصية عربية.
|
عودة إلى عبارة «أخيرًا» لنختم بها، وأخيرًا نقول أن فيلا الوزير لاتساوي عند أهل بابا عمرو وكافة أبناء سورية الكرام سوى عشرة ليرات كثمن البضاعة الرخيصة المفروشة على بسطات الأسواق الشعبية.. القيم عندهم تغيرت اليوم، فأصبحت القيمة تقاس بمقياس الكرامة والحرية والتضحية والدم لا بـ «أخيرًا»، إلا إذا كانت هذه الـ «أخيرًا» هي الحرية التي بدأنا طريقنا بها، إلا إذا كانت هذه الـ «أخيرًا» سقوط نظام الظلم الذي سرق كل أموال الناس وخرب الاقتصاد..
وأخيرًا يالله على الحرية….. ومنصورين بعون الله.