عنب بلدي – العدد 72 – الأحد 7-7-2013
يعتبر نظام التشغيل العصب الرئيس للاستفادة من أيّ جهاز رقميّ، بدءًا من الآلة الحاسبة وانتهاءً بمحطّات الفضاء الكبرى، مرورًا بكابينات شراء المشروبات الغازيّة في الشوارع، فبدون برنامج قادر على تشغيل هذا العتاد الصلب وتسخيره لإنجاز المهام لن تكون هذه القطع سوى خردة من الحديد والألمنيوم.
يمكن النظر لنظام التشغيل باعتباره برنامج كبير، يدير الطريقة التي تتفاعل بها مع جهازك، ويمكّن من تشغيل البرامج الأخرى داخله، وهو المسؤول عن تحديد «تجربة العمل» ومستوى أدائها، إذ إنّه يتلقى منك كل أشكال المعلومات والأوامر (مثل نسخ ملفات من الجهاز إلى قرص خارجي).
في هذا المقال سنحاول استعراض بعض المعلومات الخاطئة عن أنظمة التشغيل وتصحيحها.
يظن الكثير من الناس بأن نظام التشغيل هو ويندوز، وهذا فهم خاطئ، لأنّ ويندوز هو واحد من العديد من أنظمة التشغيل، فلدينا أيضًا نظام أو إس إكس OS X، ولينكس Linux، وبي إس دي BSD، والأندرويد Android، وغيرها.
هناك معتقد شائع جدًا في عالم الحاسب، حتى بين بعض المتخصصين للأسف، يقول هذا المعتقد «بأنّ أول نظام تشغيل هو دوس Dos، وقد أنتجته مايكروسوفت، ثم أنتجت هذه الشركة ويندوز 3.1 ثم ويندوز 95 في عام 95، ثم …».
لنصحّح الأمر قليلًا:
• أول دوس ليس من إنتاج مايكروسوفت بل من إنتاج شركة IBM العريقة، وذلك حتى الإصدار 3.0 وقد أنتجت مايكروسوفت دوس 3.1 .
• أيضًا دوس ليس أول نظام تشغيل بل كان قبله بعشرين سنة نظام يونكس Unix والذي كان النظام الخامس ولم يكن أيضًا الأول!
• ويندوز 3.1 ليس نظام تشغيل!
• ويندوز 95 لم يصدر عام 1995 بل في عام 1993 !! وتأخر في المحاكم بسبب قضية الاحتكار.
هناك أيضًا بعض المعلومات الزائفة حول بيل غيتس، مؤسّس مايكروسوفت، أو بدقة هناك بعض الانبهار الزائد به، من أنّه بدأ شركته من جهاز حاسب وصديق في كراج للسيارة، وهكذا عملا بكدّ وتعب حتى أصبحا اليوم على ما هم عليه ..
والذي لا يعرفه الكثيرون أن بيل غيتس كان ينتمي إلى عائلة ثرية للغاية، وأن أقساط مدرسته الثانوية كانت تزيد عن أقساط أغلى جامعة في أمريكا، وأنه عندما حصل على جهازه الحاسب لم يكن أحد يفكّر بشرائه لثمنه الباهظ، لدينا اعتقاد خاطئ بأن بيل غيتس بدأ من «كراج السيارة» بمعنى أنه بدأ من الصفر، لكنه لم يبدأ من الصفر إطلاقًا.
مايكروسوفت ونظام تشغيلها ويندوز Windows الأكثر انتشارًا حول العالم، وهم الذين يضعون معايير السوق ويصنعون نمطه، هناك نكتة تقنية تعبّر عن هذه الحالة، تقول: «ماذا يفعل فنيو مايكروسوفت إذا تعطل مصباح كهربائيّ لديهم؟ الجواب: لا يفعلون شيء لأنه عندئذ تصبح العتمة هي معيار السوق».
تسيطر مايكروسوفت على قطاع يتجاوز 80% من الحواسيب الشخصيّة PC، ولكن هذا لا يعني أنهم الأفضل تقنيًا بالضرورة، لأنّ لوصولهم لهذه النسبة قصص تتعلق بالاحتكار وسياسة التسويق الناجحة وغيرها.
لدينا كذلك نظام OS X من إنتاج شركة Apple، اسم الشركة تلقائيًا مرتبط بأذهاننا بالفخامة وتجربة الاستخدام المميزة، والسعر المرتفع كذلك، وهذا صحيح إلى حد كبير، وهو آتٍ من منتجات أكثر شهرة للشركة مثل ipod و iphon.
خط العمل لهذه الشركة يتمثل في إنتاج القطع الماديّة وتصميم نظام التشغيل والبرامج التي تناسبها، بمبدأ أنه لا يوجد أفضل من مُصنّع القطعة ليعرف كيف تعمل، ويبدو أن هذا المبدأ صحيح، إذ تتميز الشركة بتجربة أداء متفوقة.
يرغب الكثير من المصممين عادةً بامتلاك أجهزة آبل، وذلك للتمتع باستخدام البرامج الاحترافية الموجودة في تلك البيئة.
لنتحدث الآن عن خيار آخر، نسمع به أحيانًا وهو لينكس Linux، الاسم الحقيقي «جنو/لينكس».
وفي الحقيقة لا يوجد شيء اسمه نظام «جنو/لينكس»، بل يوجد أنظمة مبنية عليه (تسمى توزيعات).
الفارق الجوهري في لينكس عن ويندوز وماك هو في كونه حرّ ومفتوح المصدر، بمعنى أن الكود البرمجي للنظام متوفر للجميع، مما يسهم في جذب مئات الآلاف من المبرمجين من مختلف الجنسيات، ليشتركوا في برمجة النظام الأكثر استقرارًا حول العالم، وهو النظام المستخدم في أكثر من 90% من «الحواسيب العملاقة»، وإدارة أنظمة البورصات، وحتى أنظمة ملاحة الفضاء.
وهو أيضًا النظام الذي يلقى رواجًا واسعًا للغاية في سوق الأجهزة الهاتفيّة النقالة، عن طريق أندرويد، وهو نظام مبني على لينكس.
يمكن إذًا استخدام لينكس بدءًا من الحواسيب العملاقة، وحتى أجهزة الموبايل، مرورًا بالحواسيب الشخصيّة، ورغم ذلك فإنه لا يلقى رواجًا في هذه الأخيرة لعدّة أسباب.
منها ما يشاع كثيرًا بأن نظام لينكس صعب جدًا، وخاص للمحترفين، أو المبرمجين والهاكرز، وبأنه دون واجهة رسوميّة، وإنما يتم التحكم به من خلال سطر الأوامر.
بالطبع هذا الأمر تغيّر منذ عشر سنوات على الأقل، ولدينا اليوم أنظمة لينكس غاية في السهولة مثل أوبونتو Ubuntu، البعض يصنفها أنها الأسهل والأكثر استقرارًا على الإطلاق.
• كانت هذه جولة سريعة على أنظمة التشغيل الرئيسة، وتصحيحًا لبعض المعلومات الشائعة عنها.