مراد عبد الله – عنب بلدي
مازالت “لجنة الحج العليا” التابعة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، تستقبل طلبات الحج من السوريين الراغبين في أداء الفريضة لموسم 1437 هجري (2016 ميلادي) عبر مكاتب لها في أغلب الدول العربية.
اللجنة المعنية أخذت على عاتقها تسيير أمور الحج للسوريين، بعد اعتراف المملكة السعودية بالائتلاف الوطني ممثلًا للشعب السوري، إثر توسع فجوة الخلافات بين الرياض ودمشق، عقب اندلاع الثورة السورية في 2011، وسحب المهمة من اللجنة التابعة لوزارة الأوقاف في حكومة النظام وعدم قبول أي حاج يسجل عن طريقها، في رسالة مباشرة وجهتها السعودية للنظام بقطع أي تعامل رسمي معه.
مكتب وحيد للحج داخل سوريا
اللجنة افتتحت ثمانية مكاتب لها في مصر والأردن ولبنان وتركيا ودول الخليج، إضافة إلى مكتب واحد فقط داخل سوريا في ريف إدلب، بحسب ما قاله مدير مكتب اللجنة في اسطنبول، سمير إبراهيم.
وأوضح إبراهيم أن المواطنين في الشمال السوري، ممن يريدون تأدية الفريضة، يسجلون في مكتب ريف إدلب، بينما يسجل الموجودون في دمشق وريفها والمناطق القريبة منها في مكتب بيروت في لبنان.
وحول طريقة السفر للسوريين في الداخل، اتفقت اللجنة مع الحكومة التركية، بحسب إبراهيم، على تسهيل دخول الحجاج السوريين عبر معبر باب الهوى إلى تركيا ومن ثم إلى أقرب مطار (غازي عينتاب أو هاتاي)، ليعودوا بنفس الطريقة عبر المعبر إلى الشمال السوري، عند انتهاء أداء الفريضة.
تكلفة الحج للسوريين الأرخص بين الدول
قبل الثورة كانت تكلفة الحج للسوريين حوالي 115 ألف ليرة، ما يعادل وقتها 2440 دولارًا عندما كان سعر صرف الليرة 47 ليرة للدولار الواحد.
أما هذه العام فتكلفة الحج تختلف بحسب الدولة، فقد حددت اللجنة، في 16 حزيران، أسعار تكاليف الحج (درجة اقتصادية) لعام 1437 هجري، كما يلي: جنوب تركيا 2075 دولارًا، وفي اسطنبول 2150، وفي لبنان والأردن 2000، والإمارات 2275، ومصر 2075، والكويت 2150، وقطر 2900 دولار.
بعض السوريين اعتبروا أن تكلفة هذا العام مرتفعة بالرغم من أنها أقل من العام الماضي بمئة دولار، إلا أن إبراهيم قال لعنب بلدي إن تكلفة الحاج السوري هي الأرخص إذا ما تمت مقارنته ببقية الدول، ففي تركيا مثلًا تبلغ التكلفة الضعف (قد تصل إلى حدود 4 آلاف دولار)، وأيضًا التكلفة في دول الخليج مرتفعة جدًا.
وأشار إبراهيم إلى أن المبلغ المخصص يتضمن الطيران ذهابًا وإيابًا، إضافة إلى السكن في مكة والمدينة المنورة، والمواصلات كافة، وتأمين خيام في “منى وعرفات” مع الخدمات اللازمة، ووجبة طعام يومية للحاج، إضافة إلى بعض الهدايا التي يقدمها رؤساء مجموعات الحجاج، مؤكدًا أنه يبقى هامش ربح بسيط لرئيس المجموعة، لما يقدمه من خدمات لحجاج بيت الله الحرام.
12 ألف تأشيرة خصصتها السعودية لحجاج سوريا
الحكومة السعودية خصصت للحجاج السوريين، كما السنوات السابقة، 12 ألف تأشيرة، بحسب ما قاله إبراهيم، مؤكدًا أن اللجنة طلبت زيادة في عدد التأشيرات إلا أن الرياض لم توافق.
وكشف إبراهيم أن اللجنة قسّمت أعداد الحجاج بحسب السنة السابقة بناءً على مكان الإقامة، فقد خصص للمقيمين في اسطنبول التركية نحو 800 مقعد، أما في الداخل السوري وجنوب تركيا (الريحانية وغازي عينتاب)، فخصص بين 4 و5 آلاف مقعد، وفي لبنان والأردن نحو ألفي مقعد لكل منهما، وفي القاهرة نحو 800 معقد، إضافة إلى أعداد موجودة في دول الخليج، بحيث لا يتعدى مجموع العدد الكلي 12 ألف حاج، بعد أن كان نحو 24 ألف حاج قبل الثورة السورية.
وأكد إبراهيم أن وزارة الحج السعودية كادت أن تخفض عدد التأشيرات الممنوحة لسوريا من 12 إلى 9 آلاف تأشيرة، بسبب تخلف نحو 3 آلاف حاج في السنوات الثلاثة السابقة وبقائهم في السعودية.
وأوضح مدير مكتب اسطنبول أن “الرياض تحملنا مسؤولية تخلف السوريين”، في ظل اتخاذ إجراءات ضعيفة من قبل اللجنة لمنع السوريين من التخلف والعودة مع وفود الحجاج إلى مكان إقامتهم، وتتمثل الإجراءات في منع تسجيل أي شخص يريد التخلف، لأنه “يحرم شخصًا آخر من أداء الفريضة في السنة المقبلة”.
وقال إبراهيم إن أغلب المتخلفين في السعودية، هم فئة الشباب وأصحاب الأعمار الصغيرة، لذلك طلبت اللجنة من جميع الشباب كتابة تعهد بأن يعودوا إلى الدول التي خرجوا منها.
السلطات في السعودية تعمل، بحسب بيان للجنة الحج، على ملاحقة المتخلفين من كل الجنسيات بما فيها الجنسية السورية، وهناك عقوبات على المتخلفين تطبق على الجميع دون استثناء وهي “غرامة مالية، ومنع دخول المملكة لمدة خمس سنوات، وسجن من شهر إلى ستة أشهر، ومعاقبة من يستضيف أحد المتخلفين إما بسحب إقامته وترحيله أو بسجنه إن كان سعوديًا، وتخفيض أعداد الحجاج السوريين للموسم الذي يليه بعدد المتخلفين”.
النظام يحتج ويحمل الرياض المسؤولية
لجنة الحج العليا، التابعة لوزارة أوقاف النظام السوري، حملت السلطات السعودية مسؤولية منع الحجاج السوريين من أداء الفريضة، وتعطيل الإجراءات اللازمة التي تمكنهم من القيام بالفريضة للعام الخامس على التوالي.
اللجنة اعتبرت عبر بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، في 20 تموز، أنه كان من الواجب على القائمين على الحرمين الشريفين خدمة الحجاج والقيام بما يلزم من إجراءات تؤمّن لهم سبل الرعاية والتيسير والتوسيع لتمكينهم من أداء مناسك الحج، وتقديم ما يستطيعون لهم من أسباب الراحة والأمان والاطمئنان دون أي اعتبارات أو انتماءات”.
ووصف البيان حكومة المملكة العربية السعودية بـ “الوهابية”، وقال إنها ماتزال تمتنع عن توقيع الاتفاقيات الرسمية الخاصة بالحج مع وزارة الأوقاف، معتبرًا أنها “تخالف المواثيق المتعارف عليها بهذا الخصوص والتي توقع سنويًا مع الدول الإسلامية كافة، متجاوزة بذلك كل الاعتبارات الدينية والأدبية ومعطلة للإجراءات التي كانت تتخذ لتمكين السوريين من أداء فريضة الحج”.
وأضحى بعض السوريين، الذين تفرقوا في أنحاء دول العالم يتخذون من أداء فريضة الحج وسيلة للاجتماع مع عائلاتهم وأقاربهم الموجودين في المملكة العربية السعودية، بعد إلغاء جميع تأشيرات الدخول إليها بصفة زيارة، للعام الخامس على التوالي.