من مذكرات معتقل في مهجعنا فروج !
عنب بلدي – العدد 71 – الأحد 30-6-2013
مع وجبة الغداء التي تُقدّم لنا في المهاجع، تبدأ النشرة الاقتصادية، والتحليل من قبل المعتقلين عن أوضاع المنطقة في الخارج، فقد اعتدنا على تقديم وجبات تشجّع على (الريجيم) بكل معنى الكلمة، مشجعين إيانا على الحفاظ على صحتنا، وعدم تكديس الشحوم.
ثم يترافق سجننا مع تصفيق وصيحات فرح عندما يحضرون لنا البيض أو المربّى مع وجبة الفطور، لنأخذ بذلك استراحة من الجبنة واللبنة التي اعتدنا أن نشبع فقط من رائحتها المقززة دون أن نأكل منها، «وأرجل شي» الشوربة التي تشبه كل شيء إلا الشوربة، فمجرد أن يسخنوا الماء مع غبرة عدس ليطلقوا عليها اسم «شوربة العدس».
وذات يوم جلسنا نتبادل التهاني بأن النظام قد اقترب سقوطه وزواله، وذلك عندما أحضروا لنا وجبة «منزّلة زهرة»، وكانت عبارة عن قصعة كبيرة جدًا من الماء مع قطعة صغيرة من الزهرة في قعر القصعة، وجدناها بعد عملية بحث طويلة عنها، وضحكنا يومها كثيرًا، وفرحنا فقد أحسسنا أن نظام الأسد اقتربت نهايته، وانهار الاقتصاد، وقد بدا ذلك واضحًا، فلم يتمكنوا من تحضير وجبة طعام جيدة، لعدم قدرتهم على شراء المواد.
ولكن المفاجئ وبعد عدة أيام أنهم أحضروا لنا «فرّوج» مشوي، فبقدر فرحتنا أن أنوفنا تستعيد رائحة الفرّوج، ولكن بذات الوقت أُصبنا بالاكتئاب، فقد باءت نظرياتنا الاقتصادية بالفشل، وها هو النظام يثبت لنا وبقوة أنه ما زال يسيطر على البلاد وميزانيتها.
ثم حاولنا أن نستفيد من لحظات الفرح هذه التي ربما لن تتكرر ثانية، وبدأنا نغني للفروج، ونتغزّل به، وننسج له بعيوننا أجمل الأشعار، ثم تقاسمنا قطع (الفروج)، وأصواتنا تملأ المكان، واحتفظنا بعظامه الهشّة، وبعض منا أكل قطعته مع عظمها، وتركنا العظام في أعلى مكان بالمهجع، نغمزها بنظرتنا كل يوم، وآخرون حفروا أسماءهم ومذكراتهم عليها، وبتنا نردد «في مهجعنا فرّوج»… وأصوات ضحكاتنا تملأ زوايا زنزانتنا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :