تعرضت الاتصالات السورية العامة والخاصة، الثابتة والمحمولة، في محافظة الحسكة والمنطقة الشرقية لانتكاسات عديدة خلال الثورة السورية، فخرج قسم كبير من أبراج الشبكة عن الخدمة نتيجة استهدافها من قبل القوات العسكرية المتصارعة على الأرض.
عبد المجيد ياسر، مهندس اتصالات من مديرية اتصالات الحسكة، أوضح لعنب بلدي جانبًا من المعاناة التي تعانيها مؤسسات النظام في المحافظة للإبقاء على خدمة الاتصالات في المنطقة، فالعقوبات الأوروبية والأمريكية حرمت حكومة دمشق من استيراد الأجهزة والمعدات اللازمة لتطوير هذا القطاع، كما أن تراجع الإيرادات الحكومية ثبط من عزيمة وزارة الاتصالات والجهات الرسمية في تطوير هذا القطاع، بسبب المبالغ الباهظة التي يحتاجها. فالأجهزة الإلكترونية التي كانت تستوردها الوزارة من اليابان والصين وباقي الدول تم توقيفها منذ بداية الثورة السورية، وحاليًا توجد العشرات من الأبراج الهوائية في مناطق تل حميس، والهول، والطرطب، والجرمز، خرجت عن الخدمة وتعرضت للسرقة، وهناك مناطق واسعة من المحافظة لا توجد فيها خدمة هاتف ثابت (أرضي)، باستثناء المدن الكبرى كالحسكة والقامشلي والرميلان.
ومع سوء خدمة الهاتف الثابت، والأعطال المتكررة في المناطق ضمن الخدمة الحكومية، ازدادت نقمة الأهالي بسبب الضرائب التي تفرضها مديرية الاتصالات والفروع التابعة لها على مشتركي الهاتف، فالمواطن خلف حسين نوري، من سكان مدينة الحسكة، يقيم في منطقة ماتزال خدمة الهاتف الثابث فعالة فيها، وتجبي الدوائر الرسمية فيها قيمة الفواتير، لكن أعطال الهاتف الثابت “لا تنتهي” هناك، فلا يمضي أسبوع بدون أن يتعطل هاتفه، وعند الاتصال بورشات الصيانة، ترفض العمل والإصلاح تحت حجج “الفلتان الأمني”.
يقول خلف “تفرض مديرية الاتصالات التابعة للنظام السوري كل شهر ضرائب على أصحاب الهواتف، وتزيد من قيمة الفواتير تلقائيًا، وهذا يثير نقمة مالكي الخط الثابت ويدفعهم للتخلي عنه”.
رواتب موظفي الاتصالات من جيوب المواطنين
وفي سياق خدمة الهاتف الثابت في محافظة الحسكة قالت روهات محمد، العاملة السابقة في قسم تنظيم الفواتير في مديرية اتصالات الحسكة، إن “رواتب العاملين في المديرية تقتطع من فواتير المواطنين أصحاب الهواتف، لذلك كان قرار محافظ الحسكة ومدير الاتصالات عام 2014، القاضي بزيادة قيمة فواتير المواطنين تلقائيًا حتى لو لم يستعمل الهاتف، وفرض ضرائب إضافية عليه لتتمكن المديرية من تغطية رواتب العاملين فيها”.
ومع سوء خدمة الاتصالات السورية على اختلاف أنواعها في عموم الجزيرة السورية، بات اعتماد الأهالي على الخطوط العراقية والتركية، كوسيلة للتواصل مع الأهل سواء في الداخل أو الخارج أساسيًا.
مبيعات البطاقات التركية والعراقية ترتفع
خولة رشيد شهاب، تعمل في مجال بيع وشراء أجهزة الخلوي، وتملك مقهى إنترنت في مدينة القامشلي، تؤكد لعنب بلدي أن أهالي المدينة يعتمدون حاليًا على الخطوط التركية في التواصل سواء الإنترنت أو المكالمات الهاتفية عبر الموبايل، لقرب المدينة من الحدود التركية والعراقية، وتقول “الإنترنت أفضل وسيلة للتواصل في الوقت الحالي”، وتصف الإقبال على شراء الخطوط التركية والعراقية بـ “الشديد”، بسبب رغبة الأهالي بالتواصل مع ذويهم خارج سوريا، بعد أن هاجر نصف سكان المنطقة، على حد قولها. وتضيف “نستورد نحن أصحاب المحلات خطوط الهاتف والإنترنت بالتعاون مع التجار، ونبيعها للمواطنين بسعر 10 آلاف ليرة سورية للشريحة الواحدة”، مشيرةً إلى أن المقهى الذي تديره يشهد كثافة يومية في الإقبال، وتصف مبيعاتها اليومية من خطوط الاتصالات التركية لمشغلي “فودافون” و”تركسل” بالمرتفعة، وتضيف “مبيعاتي في المحل من رصيد الإنترنت والموبايل تبلغ نحو 400 ألف ليرة سورية”.
شركة عراقية على أراضي سوريا
مناطق جنوبي الحسكة، وبالتحديد قرى تل علو، وتل كوجر، والسويدات الفوقاني والتحتاتي، وبعد انقطاع الهاتف الخلوي لمدة سنة كاملة، ما بين 2013 و2014، بات سكانها يستخدمون على نطاق واسع الخطوط العراقية كطريقة بديلة للهاتف الخلوي السوري، ونتيجة لذلك تشجّع مهندس الاتصالات، جوان محمد شيخموس، وطلب التواصل مع شركة “كورك” العراقية للاتصالات، ومقرها إربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، بهدف تركيب برج لتقوية شبكة الشركة في جبل “قراه تشوك” السورية لتوسيع خدمة الشبكة العراقية، كون المنطقة لا تصلها خدمة الشبكة التركية، ولا تغطى بالإنترنت والاتصالات بشكل كاف.
واعتبر محمد أنه في حال موافقة الشركة على تركيب البرج، فإن هذا سيخدم منطقة المالكية ومعبدة ورميلان، وسيكون خطوة ممتازة بالنسبة لمواطني المنطقة.
تابع قراءة ملف: سوريا “خارج التغطية”
انقطاع الاتصالات في مناطق المعارضة وبداية رحلة البحث عن بدائل
تقهقر المعارضة يقوّض خطط وزارة الاتصالات وينهي أهم مشاريعها
كيف يتم تزويد حلب وريفها بالإنترنت عبر “هوا نت”؟
أسواق إدلب الحرّة المورّد الأول للاتصالات ومعداتها في شمال سوريا
أهالي ريف حمص الشمالي يبتكرون تقنيات اتصالية لكسر الحصار
الاتصالات في حي الوعر الحمصي.. صعوبة في التواصل وغلاء في الأسعار
شلل الأبراج الخلوية في درعا واللصوص يسرقون كابلات الهاتف
شبكات الخلوي الإسرائيلية تغطي جنوب سوريا.. كيف تدخل؟
الحسكة.. ضرائب عالية وخدمة حكومية سيئة بسبب “الفلتان الأمني”
انتعاش تجارة الأنفاق وتحوّل الاتصالات إلى باب للمعيشة
حكومة النظام ترفع أسعار الاتصالات على جرعات تحت ضغط شركات الخلوي
بسبب ضخامتها.. توقف عداد خسائر قطاع الاتصالات السوري
وزير الاتصالات السابق: رفضتنا الفصائل العسكرية لأسباب نفسية
لقراءة الملف كلاملًا: سوريا خارج التغطية.. النظام يدمّر قطاع الاتصالات في المناطق المحررة