شهد حي الوعر، آخر معاقل المعارضة في مدينة حمص، تصعيدًا عسكريًا عنيفًا، وذلك منذ سنوات. ولم يستثن التصعيد، الذي استخدمت فيه كافة أنواع الأسلحة الثقيلة، أي شيء في المنطقة، حتى أبراج الاتصالات الخاصة بالحي، التي أدى استهدافها إلى خروج شبكة الاتصالات الرسمية عن الخدمة.
قطع الخطوط الأرضية
أوقف النظام كافة خدماته في حي الوعر في عام 2013، فأفرغ المؤسسات المهمة من محتوياتها، منها مؤسسة البريد والمقاسم، ومنع الموظفين الحكوميين من الدخول إليها، تزامنًا مع قطع خطوط الهواتف الأرضية عن المنطقة.
يقول مروان أصلان، أحد سكان الحي، لعنب بلدي، “أغلق النظام كافة المراكز الحكومية في الحي، وأهمها البريد، الذي يحوي مقسمًا خاصًا بالحي، كما أوقف خدمة الهواتف الأرضية عن كافة المنازل، ما فرض على المواطنين تبعات نفقات اقتصادية كبيرة، فاضطررنا للجوء إلى الهاتف الخلوي في كل مكالمة داخلية وخارجية”.
مكالمات على قارعة الطريق
استهداف الحي بالصواريخ والمدفعية الثقيلة كان كفيلاً بإخراج أبراج التغطية الخلوية هي الأخرى عن الخدمة، ما جعل من إجراء المكالمات داخل المنازل أمرًا بالغ الصعوبة، وأدى توقف أبراج التغطية إلى استحالة وصول الشبكة الخلوية إلى داخل المنازل، وبالتالي قطع السكان المحاصرين في الحي عن العالم.
ونتيجة لذلك، اعتاد أهالي الحي الخروج إلى الطرقات لإجراء مكالمات هاتفية، وبحسب محمد أبو سامر، أحد سكان الحي، “اضطررنا للجوء إلى الشوارع لإجراء مكالمة هاتفية ولتصفح الإنترنت وللتواصل مع أقربائنا في الخارج، لا توجد شبكة في البيوت، يقضي الناس أوقاتًا طويلة في الشارع ينتظرون الإشارة، علهم ينجحون في إجراء مكالمة أو إرسال مقطع صوتي لذويهم”.
ويقول أبو شام، أحد قاطني الحي، لعنب بلدي، إن إرسال صورة عبر الإنترنت إلى أهلي المقيمين في مدينة حماة استغرق أربع ساعات، رغم وجودي على أطراف الحي (حيث من المفترض أن تكون إشارة الشبكة الحكومية أقوى). وعن أسعار خدمات الاتصالات وخطوط الهاتف ضمن الحي المحاصر، قال “إن تأمين شرائح الهاتف (SIM) أمر صعب جدًا، إذ اضطررت لشرائها في الأسبوع الماضي بـ 15 ألف ليرة، بينما اقتنيت شريحة خاصة بالإنترنت بـ 12 ألف ليرة”.
بدائل “كاوية” لا بد منها
عملت قوات النظام على إبعاد حمص عن العالم الخارجي قدر الإمكان، وذلك لرمزيتها، عبر قطع شبكة الاتصال الخلوي عن المدينة أكثر من مرة، وهذا ما أجبر ناشطي الأحياء على إيجاد حلول بديلة تمكنهم من التواصل ونقل حقيقة ما يجري في أحيائهم. يقول الناشط الإعلامي، جلال التلاوي، إن قيام النظام السوري بقطع الاتصالات في المنطقة قبل أي عملية انتهاك او اجتياح “هدفه إبعادنا عن العالم الخارجي، وقطع التواصل بيننا وبين الأحياء الأخرى لطلب المؤازرة، وقد أجبرنا على اقتناء أجهزة الإنترنت الفضائي لنقل الصورة للعالم”.
ويبلغ سعر جهاز الإنترنت الفضائي في الحي حاليًا 2500 دولار، بينما تبلغ أجور تفعيله 200 دولار.
يقول التلاوي “نضطر لدفع أموال طائلة، وهذا يشكل عبئًا ماليًا، فلا نستطيع إكمال عملنا باستخدام خطوط الإنترنت التابعة للنظام بسبب ضعف الشبكة واختفائها لفترات طويلة”.
وحول توفر أجهزة الاتصالات والهواتف في الحي وكيفية دخولها وإصلاحها، ومدى توفرها خلال هذه الفترة، أكد التلاوي شح هذه الأجهزة وعدم توفر قطع تبديل لها، وفي حال توفرها تكون أسعارها “كاوية”، إذ يبلغ سعر شاشات الحواسيب المحمولة، وسعر شاشة الهاتف النقال 150 دولارًا، فيما تتراوح أسعار قطع الغيار الصغيرة بين 50 إلى 100 دولار حسب القطعة وتوفرها أيضًا.
المجلس المحلي يؤسس شبكة أرضية
كان لشبكة الاتصالات الأرضية الداخلية، التي مدّها مجلس محافظة حمص في الحي، أثر إيجابي في سير الأعمال الخاصة بالفعاليات العاملة داخل الحي، وفي تحسين واقع الاتصالات، وهذا انعكس بالفائدة على السكان، كما يقول عبد السلام سويد، مدير المكتب الخدمي في المجلس المحلي.
وكان الهدف من تأسيس الشبكة، رفع سوية التواصل بين القطاعات الصحية والإسعافية، في حالة الطوارئ والأحوال العادية.
وبحسب سويد، “صنعت الشبكة الداخلية بوسائل فنية بسيطة وماتزال أعمال التطوير مستمرة، وقال “قمنا بصنع هذه الشبكة بمواد موجودة في الحي أساسًا كالمقسم والأسلاك كما نجحنا في هذا العمل بجهود كوادر وفنيين مختصين من الحي”.
تابع قراءة ملف: سوريا “خارج التغطية”
انقطاع الاتصالات في مناطق المعارضة وبداية رحلة البحث عن بدائل
تقهقر المعارضة يقوّض خطط وزارة الاتصالات وينهي أهم مشاريعها
كيف يتم تزويد حلب وريفها بالإنترنت عبر “هوا نت”؟
أسواق إدلب الحرّة المورّد الأول للاتصالات ومعداتها في شمال سوريا
أهالي ريف حمص الشمالي يبتكرون تقنيات اتصالية لكسر الحصار
الاتصالات في حي الوعر الحمصي.. صعوبة في التواصل وغلاء في الأسعار
شلل الأبراج الخلوية في درعا واللصوص يسرقون كابلات الهاتف
شبكات الخلوي الإسرائيلية تغطي جنوب سوريا.. كيف تدخل؟
الحسكة.. ضرائب عالية وخدمة حكومية سيئة بسبب “الفلتان الأمني”
انتعاش تجارة الأنفاق وتحوّل الاتصالات إلى باب للمعيشة
حكومة النظام ترفع أسعار الاتصالات على جرعات تحت ضغط شركات الخلوي
بسبب ضخامتها.. توقف عداد خسائر قطاع الاتصالات السوري
وزير الاتصالات السابق: رفضتنا الفصائل العسكرية لأسباب نفسية
لقراءة الملف كلاملًا: سوريا خارج التغطية.. النظام يدمّر قطاع الاتصالات في المناطق المحررة