تشكل محافظة إدلب، الخارجة بالكامل عن سيطرة النظام، الخاصرة الغربية لحلب، والتي يتم عبرها توريد معظم أجهزة الاتصالات والمستلزمات المتعلقة، وتعد بلدات سرمدا وسرمين بمثابة أسواق حرة لتجار حلب، منها يمكن لأي تاجر أن يشحن بضاعته وحمولته لتجد طريقها إلى أسواق حلب وأريافها، وقد قلبت الآية وأصبح خط التجارة عكسيًا بخلاف ما كان عليه قبل العام 2011، حيث كانت حلب عاصمة الصناعة والتجارة الأولى على مستوى سوريا، ومنها تتوزع المنتجات إلى جميع المدن السورية.
يصف عدد من التجار والمواطنين أن وضع الاتصالات في المدينة “جيد”، حيث يشرف عليه القطاع الخاص بشكل كامل، فلا مكان هنا لأي مشروع للحكومة المؤقتة ووزارة الاتصالات، لاعتبارات عديدة، “عدم قبول القوى العسكرية بالحكومة لكونها خارج البلاد”، وهو ما عرقل الكثير من المشاريع التي كانت تنوي الوزارة تنفيذها، فاقتصرت الخدمات على جهود فردية بقيت ضمن إطار الحي أو البلدة لا أكثر.
وتبلغ تكلفة الاشتراك بالإنترنت (وايرلس) 500 ليرة لكل 1 ميغا، وهو سعر وسطي يشمل معظم بلدات وقرى المحافظة.
وفي عموم إدلب والمدينة خاصة تبرز أهمية الاتصالات الأرضية، حيث يستمر العمل بها ضمن نطاق البلدة الواحدة والمدينة، وهو ما وفر الكثير على الأهالي لكونها اتصالات مجانية بالكامل، وساهم اهتمام الجهات المشرفة على المدينة بها في بقائها قيد الخدمة حتى الآن.
أحمد أبو المجد، مالك صالة إنترنت في مدينة سرمدا بالقرب من الحدود التركية، ومثل آلاف السوريين في المحافظة المحررة، اضطر بعد أن قطع النظام الاتصالات عن البلدة للبحث عن سبل جديدة، فكان الإنترنت الفضائي يكلفه شهريًا نحو 300 دولار، إلى أن بدأ الإنترنت التركي ينتشر في المنطقة عبر صحون الإرسال والاستقبال على جانبي الحدود، فانخفضت التكاليف وتحسنت السرعة وأصبح التواصل أسهل.
وبحسب المواطن أحمد مصطفى، من مدينة إدلب، فإن معاناته تزيد لكون التواصل عبر الإنترنت أصعب في المدينة المحررة مقارنة بالأرياف، رغم اعتمادها على الإنترنت القادم من تركيا، وبنفس الطريقة التي يستجر فيها إلى عموم الشمال السوري، لاعتبارات البعد عن الحدود وكثافة السكان.
مراصد القبضات.. غرف عمليات تشبّك بين السكان والمؤسسات الخدمية
ابتكر المواطنون في إدلب طرقًا جديدة للتواصل ما كان السوريون يعرفونها من قبل. أمام القصف اليومي العنيف وغارات الطيران كان لا بد من ابتكار أساليب توعية وحماية تأخذ على عاتقها إخطار الناس بضرورة توخي الحذر حيال أي خطر يتهدد حياتهم، فأوجد ناشطون من المجتمع المدني، ومهندسو اتصالات ما بات يعرف اليوم بـ “المراصد”، وهي غرف اتصالات مجهزة بمحولات ومكبرات صوت وميكروفونات تعمل على موجة محددة، ويديرها أشخاص بالتناوب على مدار الساعة، مهمتهم عند استطلاعهم لأي خطر قادم، توجيه السكان بالنزول إلى الملاجئ أو الاحتماء في الأماكن المحمية، وكذلك توجيه كوادر الإسعاف والدفاع المدني على الأرض عند تنفيذ الطيران لغارات في عموم المحافظة.
أبو جميل، مدير الاتصال في إحدى النقاط الطبية والإسعافات الأولية في ريف إدلب، يعتبر أن القبضات اللاسلكية أنجع وسيلة للتواصل في المحافظة، وهي تسد غياب الإنترنت والاتصالات الهاتفية العادية.
ويشير إلى أنها “أفضل شيء متوفر”، ويستخدمها كل بيت، وفي إدلب يعتمدها الدفاع المدني وهياكله لتحذير السكان وتوجيه الكوادر على الرقم 16 وكأنها موجة راديو FM أو AM.
ولا يكتفي المرصد بتوجيه الناس للاحتماء من القصف بل أصبح وسيلة توعوية لمن فقد أغراضًا ثمينة، أو لتوجيه دعوات للتبرع بالدم أو الحصول على مساعدات… الخ.
تابع قراءة ملف: سوريا “خارج التغطية”
انقطاع الاتصالات في مناطق المعارضة وبداية رحلة البحث عن بدائل
تقهقر المعارضة يقوّض خطط وزارة الاتصالات وينهي أهم مشاريعها
كيف يتم تزويد حلب وريفها بالإنترنت عبر “هوا نت”؟
أسواق إدلب الحرّة المورّد الأول للاتصالات ومعداتها في شمال سوريا
أهالي ريف حمص الشمالي يبتكرون تقنيات اتصالية لكسر الحصار
الاتصالات في حي الوعر الحمصي.. صعوبة في التواصل وغلاء في الأسعار
شلل الأبراج الخلوية في درعا واللصوص يسرقون كابلات الهاتف
شبكات الخلوي الإسرائيلية تغطي جنوب سوريا.. كيف تدخل؟
الحسكة.. ضرائب عالية وخدمة حكومية سيئة بسبب “الفلتان الأمني”
انتعاش تجارة الأنفاق وتحوّل الاتصالات إلى باب للمعيشة
حكومة النظام ترفع أسعار الاتصالات على جرعات تحت ضغط شركات الخلوي
بسبب ضخامتها.. توقف عداد خسائر قطاع الاتصالات السوري
وزير الاتصالات السابق: رفضتنا الفصائل العسكرية لأسباب نفسية
لقراءة الملف كلاملًا: سوريا خارج التغطية.. النظام يدمّر قطاع الاتصالات في المناطق المحررة
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :