كاروان آرام
مركز المجتمع المدني والديمقراطية في سوريا
في الثلاثينيات من القرن الماضي ظهرت تجارب من أنظمة الحكم في العديد من البلدان اتخذت الشكل الشمولي، وتنامى هذا اللون من الحكم في القرن العشرين بعد وصول العديد من القوى الثورية والعسكرية إلى سدة السلطة بانقلابات، أو اندلاع ثورات، وما لبثت أن احتكرت الحياة السياسية تحت مسمى الثورة، والشرعية الثورية وهيمنت على مجمل أوجه الحياة في محاولة لإدامة حكمها وتسلطها على المجتمعات والدول.
أغلب الكتابات السياسية تنظر إلى الحكم الشمولي على أنه نقيض الديمقراطية، واعتبارها أحد أشكال الديكتاتورية، تتميز عن نظم الحكم الديكتاتورية التقليدية بمحاولتها ادعاء علاقة وطيدة بينها وبين الديمقراطية، تتسم بقدر هائل من المركزية ومن التحكم السلطوي في كل أوجه الحياة في المجتمع، سياسية واجتماعية واقتصادية وفكرية على حد سواء، وهي إحدى طرق الحكم يسيطر فيه حزب واحد فقط على الحياة السياسية فى الدولة ولا يسمح بوجود معارضة أو تداول سلمي للسلطة، كما لا تسمح بوجود مؤسسات تتمتع ولو بقدر من الاستقلال، ووجود مثل هذه المؤسسات مرهون بتصريح من الدولة ويكون تحت رقابتها المشددة، تتحول فيها الدولة إلى نظام المجتمع المغلق وتكون تحت سلطة فرد أو فئة أو فصيل واحد، ودون أن تعرف الدولة حدودًا لسلطاتها أو مساحات تتمايز فيها الدولة عن المجتمع أو الدولة عن الفرد، وتكرس درجة عالية جدًا من التدخل والتحكم في حياة الأفراد الشخصية كما تسعى بكل جد لتنظيم كل مظاهر الحياة العامة والخاصة ما أمكنها ذلك.
بقاء النظام الشمولي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بوجود أجهزة أمنية قوية تعتمد القمع والعنف وتمنع حرية التعبير عن الرأي بحيث تتم السيطرة تمامًا على وسائل الإعلام وكافة النشاطات السياسية. ومن أشهر الأمثلة التاريخية على تجارب الحكم الشمولى هي الحزب النازي فى ألمانيا والحزب الشيوعى في روسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق.
ويتميز النظام الشمولي وفق تصنيف كارل فريديك Carl Friedrich بخمس صفات أساسية:
1. وجود حزب وحيد عسكري التنظيم، يستجيب لمفهوم سياسي أصولي لايعترف بحق الوجود لأي حزب سياسي منافس يسيطر ويراقب جهاز الدولة، يديره القائد الزعيم الذي يعتبر من أهم المعالم المميزة للنظام الشمولي .
2. إيديولوجية دولة تحتوي على أبعاد خارج حدودها تدعي أنها تهدف إلى تحقيق نوع من الحرية الجماعية الأسمى من حرية الأفراد منفصلين، إلا أنه في سبيل تحقيق هذا الهدف تسحق الحريات الفردية.
3. سيطرة جهاز أمني قوي يستخدم العنف والترهيب في التعامل مع الشعب والمعارضة بحجة القضاء على الصراعات الداخلية.
4. إدارة مركزية للاقتصاد في الدولة.
5. هيمنة النظام على وسائل الاتصال الجماهيرية لإخضاع الجمهور لرؤية الحزب والسيطرة على وعي المجتمع.