جريدة عنب بلدي – العدد الثاني عشر – الأحد 22 نيسان 2012
احترت كثيرًًا فيما سأكتب هذا الأسبوع، كلنا نعرف أن المؤامرة على ثورتنا دولية لكن هذا لا يمنع من الإصابة بالذهول تمامًا كما نرى شلالاً جميلاً وننبهر به رغم أننا نعرف أنه مجرد نهر من الماء تسقط من علو. لا أنكر أني كنت متفائلاً نوعًا ما بمبادرة عنان، لا تفاؤلاً بالمبادرة نفسها بقدر ما رأيتها آخر الخطوات الدولية التي يمكن اتخاذها قبل أن يتم التحرك الفعلي العسكري ضده، لكن على ما يبدو أنهم لا يريدون فعل شيء عملي (حتى الآن على الأقل) لأسباب كثيرة ومعقدة، وحسابات وتوازنات لا تنتهي، ولا تهمنا كسوريين أبدًا.
بالعودة للواقع، يبدو أن الحراك الدولي يتجه لتكرار تجربة الجامعة العربية من دعوات لوقف العنف، فإرسال مراقبين (لتفعيل السياحة وفهمكم كفاية) فانتظار نتائج المراقبين لكي يتم اتخاذ إجراء ما لا يساوي الحبر الذي سيكتب به.
وحتى يصحو عنان من (صدمته)، لا أمل يرجى من المجتمع الدولي خصوصًا مع دوامة التصريحات التي تتعلق بتفسير المبادرة، والفهم الخاطئ لها، ومحاولة جر الاهتمام الدولي لقضية بسيطة وسخيفة لكي لا ينتبه أحد إلى المجازر التي يرتكبها النظام. والحقيقة أن في الأمر نوع من الصواب، فنحن والمجتمع الدولي فهمنا الأسد خطئًا لأن افتراض حسن النية بهكذا نظام كان خطأ من الأساس؛ فالأسد لا يعرف إلا لغة القوة، واستخدامها الآن ضده صار أمر إلزاميًا لا مفر منه ليس لإسقاطه فقط، بل لحقن الدماء السورية، وغير ذلك يعتبر مجرد إضاعة وقت وعجز وتواطؤ مع مجرم وسفاح دولي.
الأسد يتحرك في المنطقة تمامًا كبلطجي الحارة الذي يعلم تمامًا أن (معلمه) لن يتخلى عنه رغم التهديد والوعيد، ببساطة لأنه يعرف الكثير، ولأنه يؤدي المهام القذرة الموكلة إليه بكفاءة لا تتوفر في نظام آخر، أو في عصابة أخرى والنظام يعلم هذا جيدًا، والمجتمع الدولي يعلمه أيضًا ولا أحد بينهما يهتم لشلال الدم هذا.
لذا يبقى الأمل معلقًا أولاً وأخيرًا بالخالق ثم بجيشنا الحر آملاً أن يتحول سيل المنشقين إلى نهر هادر يجرف النظام وآل الأسد خارج القصر الجمهوري ثم بدول المنطقة التي يهمنا أمنها الداخلي (أعني تركيا والأردن) وبقية الدولة التي ما زالت تقف في صف الشعب السوري كالسعودية وقطر.
هناك نقطة مهمة وأخيرة، الأسد يحاول استفزاز تركيا، بإطلاق النار على الحدود المشتركة بينهما لجر تركيا للرد والتصعيد لكي يحول أنظار العالم من ثورة حرية وكرامة قامت لخلعه إلى نزاع دولي على الحدود، يليه شكاوى لمجلس الأمن وجلسات استماع فاتخاذ قرار فدعوات مصالحة بينهما ترعاها روسيا وإيران. وربما، يكون قد استطاع حينها أن ينهي الثورة أو يقضي على الشعب السوري الثائر كاملاً، لكن وأنا أتكلم باسم كل السوريين عندما أقول (الله لا يخلينا إذا بنخليك).