عنب بلدي – العدد 70 – الأحد 23-6-2013
خاص – عنب بلدي
أقامت مكتبة بيت الحكمة في الغوطة الشرقية في ريف دمشق عند الساعة الواحدة من ظهيرة يوم الثلاثاء 18 حزيران حفل افتتاح خاصّ بالأطفال، في دعوة عامة حضرها ما يزيد عن ثمانين طفلًا وطفلة ممن لم تتجاوز أعمارهم سن الثانية عشرة. وقد شهد الحفل إقبالًا لافتًا رغم القصف والمخاطر الأمنية.
تقول «حنان» وهي واحدة من المشرفات على المكتبة «بدأت فعّاليات الحفل بأغانٍ مرحة للأطفال، ثمّ كانت اللفتة الجميلة من المشرفات اللاتي قمن بعرض حلقة من كرتون للأطفال، كان جاذبا ومسليّا لأبعد حدّ ﻷطفال محرومين من الكهرباء -ومن التلفاز بالضرورة- منذ ما يزيد عن ثمانية أشهر».
وأدى الأطفال بعد ذلك بصحبة المشرفات ألعابًا تفاعليّة حركيّة، نشّطت الأطفال ورفعت أصواتهم في تشجيع الفرق المتنافسة عاليّا، ثم بدأ الأطفال بفعالية الرسم الجماعي، في مشهد وصفته حنان بأنه «رائع للغاية» … «فالكل منكبّ على الألوان يمزجها ويخلطها، ذاك ينادي المشرفة ليطلب المزيد من اللون الأخضر، والأخرى تطلب مساعدتها في قصّ الكرتون، وهناك مجموعة يطلبون الماء لإتمام رسمهم بالألوان المائية».
من بين كل الرسومات برزت لوحة لفتت الأنظار إليها، لغرابتها، وهي عبارة عن ورقة بيضاء مسطورة بالأسود بكتابة مبهمة الحروف غامضة اللغة، قالت المشرفة هبة أن صاحبها هو الطفل عبد الهادي، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويعاني من صعوبة في النطق والتعلّم، أحبّ أن يكتب بطريقته رسالة للجيش الحر، ولما سألناه عن محتواها ردّ بأحرف مقطّعة ثقيلة أنه كتب «لا للقتل»، «نحن نحب الجيش الحر»
طفلة أخرى لفتت نظرنا بلوحتين قامت هي وصديقتها برسمهما، سألناها عن المعنى فأجابت «أنا يُمنة، عمري ثمانية سنوات، هذه المزهرية هي سوريا، تجمع زهورًا مختلفة هي كل المدن السورية، قبل سقوط النظام كانت هذه الزهور ذابلة لا حياة فيها، وبعد الحرية انتعشت الزهور وعادت لها حياتها».
تقول «صفية» وهي ابنة 10 سنوات أن الحفل نال إعجابها خاصة فقرة الألعاب التفاعلية، والحيوانات الأليفة الموجودة، «ذكرتني هذه السلاحف بسلحفاتي سوسوسان في بيتنا الذي نزحنا عنه بحرستا، أتساءل أتراها لازالت على قيد الحياة أم أنها ماتت بتأثير الكيماوي»
تركنا صفيّة مع سؤالها الحزين، لنسأل بدورنا الآنسة «أمل» منظّمة الحفل عن سبب تنظيمه، ولم لم تكتف المكتبة بافتتاح واحد وأصروا كطاقم على تحمّل عبء افتتاح مخصص للأطفال فأجابتنا «رأينا كفريق عمل بيت الحكمة أن فعالية كهذه من شأنها ربط قلوب الأطفال بالمكتبة كمكان محبّب مليء بالمرح والمتعة والفائدة، بعكس النظرة المسبقة بأنها مكان رتيب ومملّ بعيد كل البعد عن المرح، بالإضافة إلى رغبتنا في خلق جو جميل للأطفال يسحبهم بعيدًا عن جو القصف والحرب، ولو لساعتين أو ثلاث، الرسوم التي تركنا للأطفال حريّة انتقاء موضوعاتها هي أكثر ما يعبّر عن نفوسهم، ولعلّنا نلاحظ أن معظمها يدور حول الأوضاع الراهنة، الغالبية رسموا علم الاستقلال، وكتبوا عبارات تأييد للجيش الحر، وتنديد بالنظام، عبارات أخرى حملت طابعًا حزينا مثل «أنا ابن الشهيد» «أبي معتقل»، ولعلّ كل ذلك أكبر دليل على مدى تأثير الحرب على نفسيات الأطفال مهما حاولنا أن نبعدهم عنها»
انتهى الحفل ساعات قليلة، وودع الأهل المكتبة مصطحبين أولادهم تصحبهم حلوى وزّعت عليهم، تقول حنان «لعلّ طعم الحلوى لن يدوم في أفواه الأطفال طويلًا، لكنّ ذكرى الحفل والمكتبة، ستكون ذات ذكرى أطول وألذّ بالتأكيد».