عنب بلدي – العدد 70 – الأحد 23-6-2013
كاروان آرام – مركز المجتمع المدني والديمقراطية في سوريا
إن انسداد الآفاق السياسية وجنوح السلطة الحاكمة نحو ممارسة القمع والاضطهاد والتهميش وسياسات التمييز ضد مواطنيها يفتح الأبواب أمام شروخ وتصدعات تضرب بنية المجتمع والدولة، ويسهم في تفتيت النسيج الاجتماعي والعودة بالأفراد والجماعات الى الانتماءات ما قبل المدنية، من مناطقية وعشائرية وطائفية ومذهبية، وقد تتشكل حركات معارضة مسلحة ضد النظم الحاكمة وإلى خلق نزعات جهوية أو فئوية تنتهي بحرب أهلية إذا ما ترافقت مع تدخلات خارجية أو إقليمية.
الحرب الأهلية هي نزاع مسلح في بلد ما يكون أطرافه جماعات مختلفة من السكان أو قوى عسكرية تسعى كل منها للسيطرة على الدولة والانتقام من الآخر وتصفيته، ولا يعترف أحدهم بالآخر أو بحكم مشترك بينهم وهو مفهوم غير مقيد، يتداخل مع سواه من النزاعات الداخلية.
وتنشب هذه الحروب تحت مسميات شتى مثل حق دفع الظلم، والثورة على الحكومة، أو أن الفئة الحاكمة أخلت بحقوق الشعب والمواطن، أو لأسباب سياسية أو طبقية أو دينية أو عرقية أو إقليمية، أو مزيج من هذه العوامل وغالبًا ما تنتهي بالتفاوض لإيجاد حل سياسي سلمي.
لا يوجد توصيف محدد للحرب الأهلية في بلد من البلدان، فقد تكون تناحرًا بين مجموعات أهلية واسعة من نفس البلد بغرض السيطرة أو فرض تغيير كبير على المشهد السياسي، أو محاولة للانفصال، أو نزاعًا مسلحًا يكون أحد أطرافه الحكومة، ومن متممات تحقق الحرب الأهلية أن تسيطر كل فئة من المتحاربين على قطعة معينة من أرض الدولة بحيث تجعلها قادرة على القيام بعمليات عسكرية متواصلة ومكثفة، لها إدارة منظمة علنية، وأن يكون لهذه المجموعات زعماء يعلنون ما الذي يقاتلون من أجله، ويشتبكون في معارك ساحاتها محددة، هي التي ينظر إليها على أنها حرب أهلية، كما هو الحال في الحرب اللبنانية والسودانية والصومالية.
ومع ذلك لا يوجد معاهدات وقوانين للتعامل مع الحروب الأهلية أو النزاعات المسلحة الداخلية إلا في حدود ضيقة جدًا.
ويميل المجتمع الدولي إلى تصنيف النزاعات المسلحة الداخلية على أنها نوع من التمرد على سلطة الدولة، وذلك لتردد الدولة بالاعتراف بأنها فقدت سيطرتها على الوضع، كما أن احتمالات التغير في موازين القوى داخليًا قد يؤثر على الدول المجاورة سلبًا أو إيجابًا فترى بعض الدول في انتصار فريق على فريق تهديدًا لأمنها، أو للتوازن في تلك المنطقة من العالم.
وعادة ما تترك الحروب الأهلية نتائج اقتصادية واجتماعية مدمرة على الدولة والشعب والبنية التحتية والمناطق الآهلة بالسكان نتيجة العنف الممارس من أطراف النزاع، وكثيرًا ما تحتاج المجتمعات إلى أمد طويل حتى تستطيع تجاوز ميراث هذه الحروب من الضغائن والأحقاد والكوارث الاجتماعية والاقتصادية.