مالك عبد المجيد – إدلب
«تسليح، معارضة، جيش حر، دعم، أسلحة غير فتاكة، أسلحة فتاكة…»، مصطلحات أغرقت وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة نقلًا عن دبلوماسيين تحدثوا عن نيتهم تسليح الجيش الحر وطبعًا كالعادة، يتم «التسليح» عبر الفيسبوك وتويتر والشبكات الإخبارية ولا شيء على الأرض.
لذلك، كان لمقاتلي إدلب شأن آخر في هذا السياق حيث لم ينتظروا السلاح الخارجي ولا رأي السيناتورات ولا أرباب السياسة، فانطلقت فكرة صنع الأسلحة محليًا وتم تطبيقها في محافظة إدلب بشكل كبير رغم أن الأسلحة التي يتم تصنيعها محليًا لا ترقى بكل تأكيد لدرجة الأسلحة الثقيلة حاليًا، إلا أن كل شيء ممكن في المستقبل بحسب تعليقات القائمين على هذه الصناعة.
وتقوم على تنفيذ فكرة تصنيع السلاح ورش للصناعة تقيم في أماكن خاصة تحوي ما يسمى «بالمخرطة»، وهي آلة تتحكم بالمعدن وفق ما يريده الحرفي، ويتم التصنيع عبر مراحل عديدة تمر عبر هذه الآلة، وأهم ما يتم إنتاجه باستخدامها راجمات الصواريخ، إضافة لصواريخ متفاوتة المدى ومدافع الهاون وقذائف الهاون، إلى جانب أسلحة أخرى.
وبالطبع، لا تضاهي هذه الصناعات الأسلحة الروسية بحكم التقنية المستخدمة، إلا أنها تؤتي نتائج جيدة شهدت لها بذلك معارك واشتباكات كثيرة. وتسير صناعة السلاح بمنحيين، الأول هو تصنيع سلاح من بقايا سلاح، وفي هذا الاتجاه يتم استثمار بقايا الآليات والأسلحة المعطوبة التي كانت بحوزة جيش النظام ليصنع منها سلاحًا جديدًا، والمنحى الآخر هو صناعة سلاح من مواد أولية (خام) ولكل اتجاه طريقته في المعالجة والتصنيع.
ويقول أبو الفاروق لجريدة عنب بلدي وهو أحد العاملين في هذا المجال: «طال انتظارنا للسلاح الخارجي فأيقنا بأن سلاحنا لن يكون إلا من صنع أيدينا ولكن لأن هذا المجال جديد على الساحة السورية، فإن الإنتاج لا يرقى للسلاح المتقدم والمتطور ولكن ربما في المستقبل سنتمكن من تصنيع سلاح ثقيل فعال».
الجدير بالذكر أن هذه الصناعة الجديدة التي دخلت إلى ورش الحدادة والنجارة شقت طريقها عبر شبكة الانترنت، حيث أن كل ورشة صناعة سلاح لا بد لها من جهاز إنترنت يعتبر بمثابة المرجعية الصناعية عبر الدروس الكثيرة المنتشرة عبر الانترنت والتي تقدم دروس تعليمية لا يستهان بها، إلا أن وجود التقنية لا يعني بالضرورة توفر المواد الضرورية للتصنيع، وهذا يشكل تحديًا كبيرًا أمام هذه الصناعة المهمة وبالوقت نفسه يؤدي ذلك إلى إبطاء الحركة في إنتاج السلاح في هذا القطاع .
وتبقى كواليس هذه الصناعة لغزًا من ألغاز استمرار المقاتلين في العديد من الجبهات المشتعلة، إذ إن السلاح المرسل هذه الأيام لأيادي
المقاتلين في أحسن الأحوال لا يكفي لمواجهة خمسة جنود بدبابتهم.