مفارقات!
محمد رشدي شربجي
أمريكا عدو الإسلام والمسلمين، وإيران عدو أمريكا وعدو الإسلام والمسلمين، الإسلام والمسلمين يعلنون الجهاد نصرة للإسلام والمسلمين في سوريا من مصر حليف إيران عدو الإسلام والمسلمين، وفي مصادفة نادرة للغاية أمريكا عدو الإسلام والمسلمين تقرر تسليح المسلمين في سوريا في وجه نظام الأسد عدو الإسلام والمسلمين الذين سبق أن أعلنوا الجهاد ضد أعداء الإسلام والمسلمين!!
ولكي أوضح وجهة نظري فإنني مؤيد بالتأكيد للتسليح الأمريكي للمعارضين السوريين لأن ذلك سيساعد في تخفيف الأزمة والتسريع بإنهائها أو التسريع بفرض حل تفاوضي يجبر الأسد على القبول به وإلا نال مصير القذافي، كما أنني مؤيد كذلك لحالة التعاطف والتضامن التي أبداها بيان علماء المسلمين, وإن كان توافد المجاهدين من كل دول العالم من الطرفين سيساهم في إشعال المنطقة كلها وإدخالها في حرب لا تنتهي لقرون، فالأولى هو إرسال المال والسلاح للسوريين وهم قادرون على إسقاط نظام الأسد، فالمشكلة في المال لا في الرجال.
ليست مصادفة على الإطلاق إعلان الجهاد وإعلان تسليح المعارضة في نفس اليوم، ليس بالضرورة كذلك الأمر أن يكون من وقع على إعلان الجهاد قد نسق مع أمريكا، بل على العكس تمامًا فمنهم من هو كاره لأمريكا بالتأكيد، ولكن ما هو مهم هو أن ندرك كيف يستغل السياسيون والقوى العالمية كل شيء لمصالحهم، حتى إن كان من أعدائهم (المفترضين).
الموقف المصري الرسمي ملفت للنظر كذلك، وفيه من المفارقات ما فيه، إعلان الجهاد جاء من مصر هذه المرة، مصر أعادت السفير السوري إلى القاهرة، افتتحت السفارة الإيرانية بعد ثلاثين عامًا من إغلاقها، حضرت اجتماع طهران لحل الازمة السورية والذي لم تحضره إلا خمس دول، صرحت على لسان رئيسها في روسيا أنها لا تقف مع أي طرف من طرفي (النزاع) في سوريا، وأنها تؤيد رؤية روسيا لحل (الأزمة) السورية!!
لا يمكن فهم هذا الاختلاف المفاجئ إلا في ضوء ما تشهده مصر من أزمات داخلية وتحضيرات متسارعة لمظاهرات في ثلاثين الشهر الجاري يقول عنها أصحابها أنها ستكون حاسمة بالنسبة لاستمرار الرئيس محمد مرسي في الحكم، هل يمكن إلا كاستعراض للتيار الإسلامي لقوته ومحاولة تنفيس للغضب الداخلي في صناعة انتصارات خارجية؟
بالتأكيد نحن مع هذا التغيير بالسياسة المصرية تجاه الثورة السورية، بل ونعتقد أن هذا الإجراء جاء متأخرًا بواقع سنتين عن كندا على سبيل المثال، ولكن ما يهمنا بالدرجة الأولى أن لا تكون الثورة السورية وعذابات الشعب السوري قضية للاستهلاك الداخلي في دولة أخرى.
كما يهمنا أن لا تكون بيانات الأمة الإسلامية وعلماؤها في سياق إرادة دولية جديدة تقودها أمريكا لحلحلة الوضع السوري.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :