عنب بلدي – العدد 69 – الأحد 16-6-2013
«سوريا للجميع دون تمييز، سوريا ملونة بجمال طيفها المزركش الغني بالحضارات والثقافات منذ فجر التاريخ»
واكبت الثورة السورية نشوء «ثورات» أخرى في المجتمع انطلقت من تعطش السوريين للتغيير وترسيخ مبادئ الديمقراطية ودعم الناشطين والمجتمع المدني، فكانت المنظمات والنشاطات التي تعنى بهذه المسائل والتي انتشرت في كافة أرجاء سوريا بمبادرات فردية أو جماعية أنتجت فيما بعد بدايات العمل المدني وروح العمل المجتمعي وكان «بيت قامشلو» إحدى تلك الأفكار التي انطلقت شرارتها بتاريخ 16 نيسان 2012 عندما فتح أبوابه «لكل السوريين».
ويقول حسام من «بيت قامشلو» أن للتجربة الشخصية إيقاعات خاصة في حياة الإنسان يحاول ضبطها لتدفعه نحو التجانس والتشابك من أجل صقل تلك التجربة وإسقاطها على الواقع العام ضمن ظروف معينة والمعاناة الشخصية في بلاد اللجوء. وبسبب تجاهل أغلب الفصائل السياسية والإغاثية دعم اللاجئين وخاصة النشطاء منهم، بادرت مجموعة من النشطاء المقيمين في الخارج بتجهيز دور سكن خاصة للنشطاء من أجل توفير البيئة المناسبة بغية تفعيل طاقات النشطاء في بلاد اللجوء، وتجهيز المستلزمات والأدوات الخاصة لبقائهم على اتصال دائم مع الثورة السورية تحت شعار «بيت قامشلو لكل السوريين» الذي افتتح أبوابه «لكافة المكونات السورية» بتاريخ 16 نسيان 2012. كما قاموا لاحقًا بتفعيل مقر خاص بالفعاليات والنشاطات الأسبوعية، لتكون حاضنة للنشطاء والسياسيين في اللقاءات والحوارات، إلى جانب العديد من النشاطات المدنية والثقافية.
وتتركز نشاطات «بيت قامشلو» في مدينة أنطاكيا التركية التي يوجد فيها الآلاف من العائلات السورية ويتم توجيه الفعاليات للفئة المقيمة في المدينة، إلى جانب نزلاء وضيوف البيت عبر كادر من المتطوعين من ضمن مقيمي البيت من النشطاء، إلى جانب العديد من النشطاء المتطوعين من خارج البيت.
كما يهتم «بيت قامشلو» بشؤون المرأة لأنها جزء فاعل من شرائح المجتمع وذلك بإحياء المناسبات والندوات بشكل دوري عن القضايا المتعلقة بها وفتح المجال أمام الطاقات النسائية في تقديم وجهات نظرهن وتجاربهن المؤسساتية والمدنية عبر محاضرات وحوارات مفتوحة إلى جانب تشجيعهن معنويًا من خلال تقليدهن بأوسمة ودروع تكريمية. كذلك الطفل أخذ حيزًا جيدًا من الاهتمام عبر إعداد دورات تدريبية في اللغات والموسيقا إلى جانب ورش لتعليم الرسم كما يعمل الفريق على خلق البيئة السورية حولهم والحد من شعورهم بالشتات والغربة عبر جلسات تعارفية ترفيهية لعدم شعورهم بالعزلة والوحدة في بيئة يصعب عليهم الاحتكاك بها مباشرة من منطلق اللغة والثقافة. إلى جانب النشاطات والفعاليات الأسبوعية والدورية.
ويقوم «بيت قامشلو» بالتعاون مع باقي الأطر والمؤسسات بغية رفع وتيرة العمل وتبادل الخبرات من خلال تقديم وحضور دورات تدريبية في مجال الإعلام ومسائل المجتمع المدني، كما يقوم بتوزيع عدد من الإصدارات الإعلامية كـ «حنطة وياسمين سوريا ورؤيا» وذلك من خلال التشبيك مع المؤسسات والجمعيات التي تصدرها، ويتركز العمل في مدينة أنطاكيا التركية من خلال نشاطات ثقافية ومدنية وسياسية لجميع الشرائح هناك، كما يحتفظ بعلاقات مع العديد من المنظمات والجمعيات في الداخل السوري حيث تلقى إقبالًا من الناشطين.
ويعمل بيت قامشلو لخلق بيئة يتعامل ويتعايش فيها كل الطيف السوري على اختلاف انتماءاتهم الدينية والاثنية «بكل محبة ووئام» وإيجاد مظلة سورية بلون جميع أبنائها، الذين يسعى من خلالهم إلى تطوير نتاجه الثقافي والمدني وتعزيز ثقافة العيش المشترك ونبذ العنف والنعرات الطائفية، عبر العديد من الفعاليات على مدار الأسبوع، إلى جانب الاستفادة من خبرات من خارج المؤسسة من كُتاب ومثقفين ونشطاء وسياسيين في تقديم خبرتهم وتجاربهم ضمن فعاليات بيت قامشلو وتعمل مع باقي الفعاليات في بناء وطن يتسع للجميع، والبحث عن الثغرات أوالفجوات التي ربما تكون عائقًا أمام تقدم المجتمع السوري، والعمل على سدها ضمن نطاق عمل كل مؤسسة.
وشأنها شأن أية مؤسسة مدنية في سوريا، تعاني «بيت قامشلو» من ضعف الامكانات التقنية الملازمة للفعاليات والنشاطات والتي تعتبر جزءًا أساسيًا في نجاحها.
وبنظرة مستقبلية، يسعى بيت قامشلو لإيجاد جيل قادر على الولوج في الحياة اليومية بكل تفاصيلها وجوانبها السياسية والإعلامية والمدنية وفق متطلبات وميول النشطاء بعد إعداد المناخ المناسب لهم معنويًا ولوجستيًا من خلال اللجوء لكل الوسائل المدنية والسلمية والسياسية لإيصال بيارق الأمل في الثورة السورية إلى سوريا مدنية لكل السوريين وتعزيز فكرة المواطنة والشراكة لمختلف الأطراف من الفسيفساء السورية «في وطن بحجم بيت يعيش فيه العربي إلى جانب الكردي والآشوري، المسيحي إلى جانب المسلم والدرزي، إنها مظلة تنبذ النعرات الطائفية ولغة الإقصاء والتمييز بكل أشكاله.»