معتز مراد
تختلف سياسة الإصلاحيين في إيران عن سياسة المحافظين، في كون الأولى منفتحة على العالم، تمتلك خطابًا معتدلًا يراعي مصالح إيران القومية ولا يستعدي الدول المجاورة. وسياسة داخلية منفتحة على الشباب وطموحاتهم في التغيير ومواكبة العصر. في خلاف واضح وجوهري مع سياسة المحافظين، التي لاتفتأ تصرّح بأنها ستلقي بإسرائيل في البحر، وأنها مستعدّة للتدخل في دول مجاورة في سبيل تحقيق مشروع إيديولوجي «سافر». أضف إلى عدم تلبيتها طموحات الشباب، الذي ينظر نحو المستقبل متجاوزًا بذلك بركات المرشد.
وفي خطوة فاجأت الكثيرين، مع أن إرهاصاتها قد بدأت منذ أيام، جاء فوز المرشح الإصلاحي «حسن روحاني» بغالبية عظمى من الأصوات، تعبيرًا عن حالة الرغبة الشديدة لدى الشعب الإيراني في التغيير.
شارك في العملية الانتخابية حوالي 35 مليون ناخب، وحصل روحاني على أكثر من 17 مليون صوتًا، متقدمًا بفارق كبير على أقرب منافسيه، حيث حصل محمد باقر قاليباف على حوالي 6 ملايين صوت.
أمور مهمة ساعدت روحاني على الفوز بهذه النسبة الكبيرة. فانسحاب المرشح الإصلاحي محمد رضا عارف لصالحه، ودعم آية الله هاشمي رفسنجاني (الشخصية الإصلاحية ذات الباع الكبير في إيران) والرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي (الذي كان له فضل كبير على تطور إيران وانفتاحها على العالم زمن رئاسته) كان لهذه الأمور أثرًا كبيرًا على نتيجة الانتخابات.
ولكنّ الإيرانيين ومنذ سنوات يَنشدون تغييرًا سياسيًا «داخليًا وخارجيًا»، وانفتاحًا اقتصاديًا على العالم بعد عقوبات أنهكتهم، وخطابًا مختلفًا عن خطاب المحافظين المتشدد، والذي يذهب بإيران نحو المجهول.
حاول الشعب الإيراني عام 2009م التعبير عن رفضه لفوز أحمدي نجاد لدورة رئاسية ثانية، واعتبر ذلك تزويرًا للنتائج. وحصلت في البلاد «الثورة الخضراء» كما سُميت حينها ولكنها لم تنجح. واليوم يعبّر الإيرانيون عن رغبتهم تلك من خلال صناديق الاقتراع.
ولكن هل سيُحدِث فوز روحاني فرقًا واضحًا في السياسة الإيرانية الداخلية والخارجية؟ وهل سيعود الانفتاح نحو العالم الغربي والأمريكي من جديد؟ وهل سيتغير مجرى المفاوضات في الملف النووي وموقف إيران من الأزمة السورية؟
العالم الغربي سيرحب بالرئيس الإيراني الجديد، فهو مفاوض سياسي ضليع (شيخ المفاوضين كما قيل) ومعروف من قبل الأوروبيين والأمريكيين باعتداله. ولكنّ المؤشرات تقول أنه وخلال حكم المحافظين لمدة ثماني سنوات في مؤسسة الرئاسة ومن ورائها المرشد، فقد حدث تضخم كبير في صلاحيات خامنئي والمؤسسة الدينية المتشددة. والصعوبات التي ستواجه الرئيس روحاني، فيما إذا أراد السير على نهج رفسنجاني وخاتمي كما صرح هو، نقول أن الصعوبات ستكون كبيرة جدًا، وموقفه لا يحسد عليه.