وبيت الحكمة، هو مكتبة تضم مئات الكتب والمراجع في مختلف العلوم الكونية والدينية تم جمعها بواسطة مجموعة من الناشطين والمتطوعين من الكتب المستعملة والجديدة والتي تم التبرع بها أو إعارتها للمكتبة.
تخبرنا حنان، وهي واحدة من المشرفات على المكتبة، أن المشروع بدأ بكتاب واحد ليصل بعد 45 يومًا إلى ما يزيد عن 3000 كتاب منوّع ما بين علوم إسلامية وإنسانية وتاريخية وفكرية وتنموية ولغوية وطبية، بالإضافة لقسم مخصص للأطفال واليافعين، عمل على جمعها وتصنيفها وأرشفتها فريق من الشباب والشابات الجامعيين، المؤمنين بأهمية نشر العلم والثقافة بعيدًا عن أي توجّه مسبق..
يقول الأستاذ «أبو عبد الله» -وهو أحد مؤسسي بيت الحكمة- أنّ «فكرة المكتبة قائمة بأساسها على جمع الكتب من الأفراد على سبيل الإيداع في مكان واحد ليتمكّن الجميع من الوصول إليها والاستفادة منها بقراءتها والبحث فيها. مع توثيقها وحفظها ﻷصحابها بسجلّات ووثائق ليتمكّنوا من استرجاعها متى شاؤوا.»
قد تكون فكرة المكتبة مفاجئة، وقد يتساءل البعض: هل هذا أوان القراءة، وهل هناك من سيقبل عليها في ظل الأوضاع الأمنية الراهنة؟
تخبرنا الآنسة «خولة» -أحد أفراد فريق المكتبة- أنّه ما ثمّة وقت أفضل للقراءة من اليوم، «فانقطاع التيار الكهربائي منذ أشهر ثمانية عن الغوطة الشرقية، خلّف فراغًا كبيرًا لغياب التلفاز والانترنت وسواها، فكان لا بد من إيجاد بديل قادر على استيعاب الطاقات واستثمار الوقت الضائع. نشر «عادة القراءة» في المجتمع من بعد غياب، وعودة الكتاب ليكون قِبلة من بعد هجر، توسيع مدارك الشباب ليقرؤوا عن كل الافكار المنتشرة في الساحة فيتخيّروا منها ما شاؤوا عن بيّنة وعلم سابق، لأجل كل هذا كانت بيت الحكمة.»
ويبدو أن مشروع المكتبة حقق اهتمامًا ملحوظًا وحضورًا لافتًا، إذ بلغ متوسط عدد القراء الذين يزورون المكتبة يوميًا حدود الـ 130 قارئًا وقارئة، وهو ما اعتبرته حنان، «إقبالًا مفاجئًا وواسعًا»، لا سيما وسط بيئة يعيش أهلها الحرب ويعانون آثارها بشكل يومي.
تقول السيدة «رشا» وهي من الروّاد اليوميّين للمكتبة، والتي اصطحبت طفلها معها، أن المكتبة «أمّنت لها البيئة المناسبة لتستثمر وقتها بجو هادئ وثقافي، وهي تراها فرصة ذهبية لتعويد ابنها على القراءة والمطالعة من صغره.»
كما تخبرنا الآنسة «هند» وهي طالبة جامعية منقطعة عن الدراسة بسبب الأوضاع الأمنية الراهنة، أنّ مشروعًا كبيت الحكمة كان ما تنتظره وتحتاجه بشدّة هي وغيرها من الطلاب المنقطعين لتعويض انقطاعهم عن جامعاتهم والاستفادة من الكتب الجامعية في المكتبة، لمذاكرة معلوماتهم والاستزادة ممّن سبقوهم في ذات التخصص.
يقول القائمون على المكتبة أن المشروع مستقلّ فكريًا، لكنّه ما كان ليتمّ لولا رعاية مؤسسات تهتم بشؤون الثقافة والعلم، كمؤسسة رواد الهدى التعليمية التي كانت الحاضنة الأولى للفكرة، وجريدة عنب بلدي التي قدمت الدعم والرعاية للمشروع، كما كان لرعاية رابطة المهاجرين السوريين الأحرار دور أساسي لتصل المكتبة لما هي عليه اليوم.
«هي ربّما مصادفة جميلة أن تكون انطلاقة مشروع نهضوي كمكتبة بيت الحكمة، عقب ذكرى نكسة حزيران بيوم واحد.. أتراها لمحة قدرية، أنّه مهما طال الليل، فإن بعد كل نكسة، نهضة!» تختم حنان.