عنب بلدي – العدد 68 – الأحد 9-6-2013
لم تردعها كل الأخبار المتواترة عن خطورة الطريق، وأصرت بعلى المضي في طريقها إلى زوجها في داريا بصحبة أمها وابنها الرضيع الذي تره بعد عينا والده.. ما هي إلا دقائق اجتازت فيها طريق الأربعين حتى انطلقت رصاصات القناصة نحوها لترديها وأمها شهيدتين تغرقان في دمائهما وسط الطريق، والرضيع مرتم إلى جانب أمه وصوت صراخه يملأ المكان.
كان ذلك يوم الأربعاء (29 حزيران 2013)، حين اتجهت ملك خولاني وطفلها الذي لم يتجاوز الشهرين من عمره، برفقة أمها نجاح علاوي إلى مدينة داريا المحاصرة منذ أكثر من ستة أشهر.
خمس ساعات بقيت جثث الشهيدتين والطفل الرضيع ملقاة وسط الطريق تحت أشعة الشمس الحارقة دون أن يصل أحد إليهم، حتى تمكن أخيرًا شباب من الجيش الحر سحب الجثث والطفل ومن ثم نقلهم إلى مشفى الهلال في بلدة المعضمية، ليكتشف المنقذون أن الطفل أصيب هو الآخر فتم إسعافه أوليًا ثم نقل إلى المشفى الميداني في مدينة داريا.
يقول أمجد (أبو جمال) أحد أعضاء الكادر الطبي في المشفى الميداني «أن الطفل أصيب برصاصة قناص على أوتوستراد الأربعين دخلت الرصاصة من جذر فخذه الأيمن، وخرجت من الحفرة الحرقفية اليسرى، كما تبين وجود إصابة بالجزء السيني من الكولون والمثانة وإصابة بسيطة على مستوى الكلية اليسرى. مما اضطرنا لإجراء عملية جراحية مستعجلة ومعقدة للطفل لم يسبق لنا القيام بمثلها.»
يتابع أبو جمال أن العملية «سارت بشكل مناسب، واستمرت قرابة الساعتين وقد تم تقديم كل ما يلزم لنجاة الطفل ومن بعدها تم إدخال الطفل إلى غرفة الإنعاش وبدأت حالته بالتحسن تدريجيًا» وتم تخريجه بعد 5 أيام من المشفى لتكفله إحدى المرضعات في المدينة.
أما الأب فتبدو على وجهه علامات الذهول، فهو بالكاد يصدق ما حدث، يعانق طفله ويضمه إلى صدره وهو يشير إلى حروق على وجهه التي سببتها أشعة الشمس المركزة التي تعرض إليها الطفل قرابة ال 5 ساعات.
يعاود ضمه من جديد ويشمّ رائحته والدمعة في عينه ويقول بحرقة: «لنا الله يا ولدي فهو سيأخذ بحق والدتك وجدتك…»