أين اختفى وشم “يا باطل” السوري في أوروبا؟

  • 2016/07/10
  • 2:10 ص

لاجئ سوري يعرض وشمًا على يده في ألمانيا - 21 آب 2015 (DPA)

عمار زيادة – عنب بلدي

“يرحم جدّك الي كان يفكر الديتول تمر هندي”، عبارة تنتشر بين أوساط الشباب السوريين اللاجئين إلى أوروبا، سخريةً من المبالغين في سلوكهم لما يحسبونه “اندماجًا في المجتمعات المضيفة”.

تعرض المثل الشعبي الغائر في القدم “إذا كنت في روما فافعل ما يفعله الرومان” إلى انتقادات كبيرة، إذ يعتبره علماء النفس تشجيعًا على الانسياق وراء الجماعة دونما تفكير، لكن هذه الانتقادات لم يعد لها محلّ اليوم مع مزايدات من بعض اللاجئين حوّرت المثل من تقليد المجتمع المضيف إلى المطالبة بعدم المزايدة عليه.

أنماطٌ غريبة من حلاقة الشعر بعدما كانت “مدرسية” أو “عسكرية” في سوريا، حَلَقٌ لشاب لم يعتد وضعه في أماكن لا تخطر بالبال، ووشوم “يا باطل” و”رضاك يا أمي” تحوّلت إلى أشكالٍ جنسيةٍ وأخرى غريبة لا يفهمها حتى أصحابها.

“شعورٌ بالنقص أو انبهارٌ بالفارق الحضاري الكبير”، هو ما دفع هؤلاء الشباب للتوجه إلى هذه السلوكيات، كما تقول الاختصاصية النفسية أسماء رشدي، لعنب بلدي.

الالتزام الديني المحافظ في سوريا ربما يعتبر “دعشنةً” في ألمانيا، من وجهة نظر “المتطرفين اليساريين”، ما دفع بعض اللاجئين للتوجه إلى تصرفات تبعد التهمة وتصل حدّ “الانحلال الأخلاقي”، كما يقول محمد باش، وهو طالبٌ جامعي لجأ إلى ألمانيا، التي استقبلت أيضًا أكثر من مليون لاجئ خلال العام الماضي.

“لجوء الكنيسة” أمرٌ يعتبره البعض أيضًا مظهرًا من مظاهر التخلي عن العقيدة الإسلامية، إذ شهدت ألمانيا اعتناق عددٍ من اللاجئين الدين المسيحي، معتقدين أنه يسهّل حصولهم على اللجوء، لتضم كنيسة الثالوث الإنجيلية، قرب برلين، في عضويتها نحو 1200 لاجئ اعتنقوا المسيحية أخيرًا، بحسب وسائل الإعلام الألمانية.

لكنّ البعض يرى أن المفارقة تكمن في الهدف وراء التحوّل الديني، وما إذا كان يعكس توجهًا روحيًا أم يتعلّق بإيجاد سببٍ لعدم العودة إلى الأرض الأم، إذ يضع مسؤولو المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا في اعتبارهم، خلال اتخاذهم القرار بمنح الإقامة أو رفضها، الخطر الذي قد تتعرض له حياة من غيروا دينهم في حال عودتهم إلى بلادهم.

ليس تبديل العقيدة هو مظهر التغيير الوحيد، فسلوكيات عديدة تغيرت، “السلام عليكم” تحوّلت إلى “هاي وباي” حتى لو كانت هاتان الكلمتان بغير لغة البلد المضيف، و”باكيت الحمرا قصيرة” صار زجاجات من الويسكي ومشروبات أخرى تعجّ بها بيوت بعض الشباب اللاجئين وتملأ سهراتهم.

يحاول لاجئون إظهار أكبر قدر ممكن من الغرابة والفرادة، لكن بعض الألمان لا يتقبلونها ويشعرون أنها غريبةٌ حتى عن مجتمعهم. يقول ياسر بوايكي، وهو شابٌ دمشقي عازفٌ للعود وصل ألمانيا هذا العام، “أصحاب السلوكيات الغريبة أنفسهم يدركون أنهم يزايدون على أصحاب البلد”، ويشير إلى أن هذا يذكر بالمثل القائل “ملكيّون أكثر من الملك”.

حرية شخصية واندماج؟ ربما، ولا نتدخل فيما يختاره الآخرون، لكن تقدير الحاضنة المضيفة للاجئين يتمثل باحترامهم لهوياتهم وثقافاتهم وإيمانهم بأحقيتهم في العودة إلى بلادهم، وكذلك يؤمن كل مجتمعٍ، غربيًا كان أم شرقيًا، بما يراه عاداتٍ تحكمه وتميّزه عن غيره.

“هذه التصرفات كانت عيبًا وحرامًا عند المبالغين ذاتهم في سوريا، وكانوا ينهرون أقرانهم إن لمسوا منهم توجهًا نحوها”، يقول بوايكي.. متمسكًا بما يجده حنينًا إلى الوطن وسبيلًا للعودة إليه، وعزفًا يذكّره بـ “الأيام الخوالي”.

مقالات متعلقة

  1. العودة للعشيرة تؤخر اندماج سوريين في أوروبا
  2. كيف يتجاوز السوريون مشاعر الغربة في بلد جديد؟
  3. أجراس التوطين.. طبول الحرب
  4. أرض البرتقال الحزين لـ غسان كنفاني

حياة اللاجئين

المزيد من حياة اللاجئين