مصالحهم ومصالحنا
عنب بلدي – العدد 68 – الأحد 9-6-2013
قنديل – حمص
الصغير والكبير بات يعلم أنّ هذا العالم لا يعيش اليوم وفق مبادئ إنسانيّة وأخلاقيّة وفق ما يسمّى «ميثاق الأمم المتحدّة» أو «حقوق الإنسان»، ففي الوقت الذي تدافع هذه المنظمات عن حقّ مواطن أميركيّ مجرم في زيادة عدد ساعات الترفيه له في السجن، نشأ سجن غوانتنامو على أبشع أنواع التعذيب والقهر والتحقير للبشر، وفي الوقت التي تدافع فيه عن حقّ المرأة السعودية في ركوب الدراجة الهوائيّة، تُغتصَب النساء وتُذبَح في ميانمار وسوريا!
كُشفَت هذه المنظمات على حقيقتها، وتبين أنّها أكذوبة على الشعوب ووسيلة ضغط سياسيّة في أيدي الأقوياء ليتحكموا بمصالحهم ويزيدوا من نفوذهم على خارطة العالم.
أمّا نحن العرب فلا نراعي مصالحنا ولا نهتم بأرضنا ولا نحفظ مقدراتنا وثرواتنا، حتّى أصبح الإنسان العربيّ مشهورًا بين شعوب العالم بضعفه وحمقه وسذاجته، فلا تُذكَر كلمة «Arab» دون أن تتداعى معاني التخلّف والبلاهة والكسل إلى ذهن المستمع، وللأسف، فنحن المسؤولون عن ذلك، فلا الشرق ولا الغرب كانوا ليتحكموا بنا لو لم نكن كذلك فعلًا.. ولكن كيف؟
نحن نرى بوضوح رؤساء الأنظمة الغربية قلقين دائمًا –كما يبدو في أدائهم- يبحثون عن طرق لإرضاء شعوبهم يرفّهونهم فيها ويسعون لإيجاد حلول لكل مشاكلهم ومتطلباتهم، حتّى وصل حالهم إلى درجة من «الدلال» تدفع بهم لأن يرفعوا الدعاوى والشكاوي على رؤسائهم لو ارتفع سعر الوقود سنتًا واحدًا مثلًا.
ثم نجد الكيان الصهيوني دولةً معترَفًا بها حتى من العرب «غصبًا» عن العالم قاطبةً، وما تزال هي شوكة الصراعات والنزاعات في العالم، ومع ذلك هي لا تهتم لأنْ يُقتَل ملايين الآدميين ما داموا خارج حدودها، فكلّ همّ حكامها مصالح الكيان ورفاهية الشعب اليهودي.
واليوم نجد مشروع إيران «استوى» وتوسّع بشكل كبير بفضل المالكي وبشار وميليشيا حزب الله، وهي لا تهتم بشعوب العراق أو الشام بل ربما تفضل موتهم جميعًا في سبيل مشروعها ودفاعًا عن مصالحها التي تعمل عليها منذ نصف قرن؛ لا همّ اليوم لإيران سوى أن تبقى مصالحها بخير مزدهرة، وأن تمتلك سلاحها النوويّ بأيّ طريقة، فلا تأبه لبشار ولا لمستقبله، بل وباتت تعلم أنّه ساقط لا محالة ولكنّها تطيل عمره ما استطاعت حتّى يبقى ورقة ضغط سياسيّة لوقت أطول.
الجميع في هذا العالم اليوم لديهم مصالح وأولويات يعملون ويجتهدون لأجلها.
ولكنّ العرب -في هذا العالم- لا يعيشون… بل لهم عالم خاص يسعون فيه وهو تبجيل الحاكم الطاغية والتسبيح بحمده صباح مساء، حتّى بات الحكام يظنون أنفسهم فراعنة لا يقهرون، ووصل الأمر بهم أن جعلوا شعوبهم تلغي عقولها وتتبع طاغيتها وتستمتع له وتنفذ أوامره في الحال، وعملوا بمقولة «أطفئ سراج عقلك واتبعني»، فلا يصحّ إلا ما أصحّه الطاغية ولا يحرم إلا ما حرّمه. حتى بعد قيام الثورات في بعض البلدان العربيّة ما زال الحكام لا يعملون لمصالح شعوبهم بل عادوا من جديد ليعملوا لمصالحهم شخصيّة أو الحزبيّة أو العصبيّة، وتتمسك شعوب أخرى حتى اليوم –ويا للأسف- بما بقى عندها من طواغيت على شفى الهلاك.
أصبح وضعنا -نحن العرب- «مقرفًا» بكل معنى الكلمة، فنحن وثرواتنا أصبحنا ألعابًا بأيدي قوى الشرق والغرب، وكأنّ قدرنا أن نبقى خدمًا لهم.
جاء زمن الحريّة وعلى الإنسان أن يفهم أن دوره لم يعد لخدمة الطاغية ولا حتى خدمة نفسه ومصالحه المباشرة، وإنّما دوره أن يعمل لأجل بلده، ولخدمة مجتمعه، ولبناء الإنسان الحر، القوي، المنفتح ..
مصلحة الأمّة اليوم هي وقف القتل والتعذيب الذي يلحق بالمسلمين والعرب في كلّ العالم.. وليس في «حقّ المرأة السعودية في قيادة الدراجة الهوائيّة…»
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :