آثار سوريا.. بين شبح التهريب ومخاوف الزوال
عادت قضية سرقة الآثار في سوريا والتنقيب غير المشروع عنها إلى الواجهة بعد اندلاع الثورة في 15 آذار2011، وسط تبادل للاتهامات بين النظام السوري والمعارضة حول من يقف خلف تلك العمليات المنظمة لتهريب الإرث الحضاري السوري المحتوي على آثار آرامية ويونانية ورومانية وإسلامية.
فقد ذكرت تقارير صحفية نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» على لسان النظام السوري قوله «بأن الجيش السوري الحر يقوم بنهب آثار سوريا ويبيعها بالجملة والمفرّق لتمويل سلاحه..» وأضاف التقرير «يتم تهريب غالبية القطع الأثرية إلى الأردن عن طريق اللاجئين، حيث تنتهي هذه المهربات إلى سوق في عمان، ليتم بيعها فيما بعد في الأسواق الأوربية والتركية».
من جهةٍ أخرى وجهت المعارضة السورية اتهاماتها للنظام، إذ أكدت على أن النظام قام بحفر في بعض التلال الأثرية لبناء مخابئ للدبابات العسكرية، كما أشاروا إلى تمركز الدبابات وناقلات الجند وسط المواقع الأثرية، وتم تحويل العديد من القلاع القديمة إلى مناطق عسكرية ومتاريس للقناصة وتم تشويه العديد من خصائصها المعمارية.
ووصل حجم الآثار التي تم تهريبها من سوريا منذ اندلاع الثورة حسب تقارير دولية إلى ما قيمته حوالي ملياري دولار، الأمر الذي دفع منظمة اليونسكو إلى الإعراب عن قلقها البالغ إزاء ما يحصل للآثار السورية من دمار وتهريب، وجاء هذا القلق على لسان مدير عام المنظمة إيرينا بوكوفا التي قالت «إن يونسكو تشعر بالقلق البالغ حول المخاطر التي تواجه الآثار والتراث الإنساني في سوريا»، كما ناشدت المنظمات العالمية ممثلة بـاتحاد الآثاريين العرب، والدرع الأزرق، والإيكروم، والمتاحف العربية والعالمية، والجامعات العربية والعالمية والمعاهدها الأثرية، «للوقوف بحزم بوجه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الإرث الحضاري السوري من خلال إيجاد آليات ردع للسلطات السورية والمعارضة ووقف التعديات السافرة على تلك الآثار».
وقالت إيما كونليف وهي أخصائية في الحفاظ على التراث الحضاري العالمي وباحثة في جامعة دورهام الإنجليزية ومؤلفة كتاب حول تأثير الحرب على الآثار في سوريا، إن جميع المواقع الأثرية في البلاد دون استثناء قد تضررت، مضيفة أن أجزاء من حلب أصابها دمار لا يمكن إصلاحه. واعتبرت أن هذا لوحده يعتبر كارثة. ووفقًا لتقرير «كونليف» تبدو قائمة الخسائر التراثية والأثرية مخيفة حقًا، حيث تحتضن سوريا عدة مواقع اعترفت بها منظمة اليونسكو كمواقع عالمية للإرث الحضاري. فبالإضافة إلى حلب، هناك دمشق وبصرى وقلعة صلاح الدين وقلعة الحصن ومدينة تدمر الرومانية إضافة إلى العديد من القرى التي يزخر بها شمال البلاد.
وفي ضوء هذا القلق الدولي والإحصائيات الواردة، يكون التعويل الأكبر على السوريين أنفسهم، لأن هذا التراث يعود لكل أبناء الشعب السوري بغض النظر عن اختلافاتهم السياسية أو الفكرية، ولا بد على جميع الأطراف المعنية (نظام ومعارضة) من الحفاظ على الإرث الحضاري والتاريخي للبلاد، والذي يعد جزءًا أساسيًا من هوية الإنسان السوري عبر التاريخ والزمان.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :