عيدان للفطر في سوريا.. لماذا نختلف؟
انعكس الشتات السوري على قضية اختلاف المسلمين في تحديد موعد عيد الفطر، بعدما أعلنت دولٌ تعتمد الحساب الفلكي اليوم الثلاثاء أول أيام العيد، وتعذّرت رؤية الهلال لدى الدول المعتمدة على المشاهدة بالعين المجردة، متمةً شهر رمضان ثلاثين يومًا.
تركيا وأندونيسيا وماليزيا ودول البلقان وأغلب الدول الأوروبية، بدأت عيدها اليوم، بينما تصوم سوريا والدول العربية، ما أعاد إلى الواجهة شرخًا بين مدرستين فكريتين رئيسيتين: الأولى توصف بالعقلانية وتناقش النصوص الدينية علميًا، والأخرى تتّهم بالتقليدية وتعتمد الفهم المجرد للنصوص.
وأتم بعض اللاجئين السوريين في أوروبا الصيام بحسب ما اعتمدته دمشق والمنطقة العربية، مخالفين تقويم مجالس الإفتاء، بينما رفض بعض الداعين إلى تطويع العلم والمعرفة، لخدمة المسائل الخلافية الفقهية، الصيام حتى لو كانوا في بلدان عربية أو داخل سوريا.
الدكتور عبد الرحمن العمر، مدير رابطة “سيما” الطبية السورية، أعلن عبر صفحته في “فيس بوك”، أنه مفطرٌ الثلاثاء “جزمًا بالعلم، سواء شاهدنا الهلال أم لم نشاهده”.
وأضاف الطبيب، الذي كان إمامًا وخطيبًا في مسجد بحماة، سابقًا، “العلم يحدد وبالثانية (بل بأجزاء الثانية) تولد الأهلة للأشهر القمرية لعشرات السنوات، والرؤية زمن النبي صلى الله عليه وسلم تنصرف إلى الرؤية العيانية لأنها المتوفرة في عصره، ولكنها في كل عصر تنصرف علمًا وشرعًا وديانة للأدق، وديننا دين علم وبرهان”.
لكن شيخ الطريقة الشاذلية في دمشق، عبد العزيز الخطيب الحسني، اعتبر الإفطار على تقويم مجلس الإفتاء باطلًا.
واستشهد الشيخ بحديث للرسول صلى الله عليه وسلم يقول “صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته (الهلال)”، محذرًا من الوقوع بـ “الإثم”.
ورغم أن المهاترات احتدمت على مواقع التواصل الاجتماعي ووصلت حدّ التخوين والتكفير أو الاتهامات بالرجعية، أخذت القضية أصداء وأبعاد ساخرة، فعلّق الطبيب والكاتب السوري عماد العبار، الضليع بالمدارس الفكرية الإسلامية، “هل سيعتمد الشيخ أفيخاي أدرعي على رؤية الهلال أم على الحسابات الفلكية؟ أسأل لأني أنتظر معايدته للأمة الإسلامية بفارغ الصبر”.
وتحسر آخرون على الواقع الذي يعيشه المسلمون، وكتب فراس طعان “في الوقت الذي نتجادل فيه عن صحة استخدام الوسائل الحديثة لتحديد بداية الشهر وهل يعتمد قول الفلكيين أما لا.. المسبار جونو الذي أطلقته ناسا من خمس سنوات قد حط على المشتري”.
وليست المرة الأولى التي يختلف فيها المسلمون على تحديد بداية الأشهر القمرية للصيام والإفطار، لكنّ نزوح ولجوء أكثر من نصف السوريين فاقم المشكلة هذا العام، في الوقت الذي انقسمت فيه المرجعية الدينية والسياسية، تماشيًا مع ما تشهده سوريا في الأعوام الخمسة الماضية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :