من هنا خرج الأبطال من قلب الألم.. من وطن عاث فيه الظالم فسادًا، خرجوا وتفجرت فيهم مواجع وآلام دفينة، وضعوا نصب أعينهم أهدافًا وآمالًا كثيرة.. وأجمل ما في ذلك أنهم كسروا حاجز الخوف بالرغم من معرفتهم حق المعرفة بوحشية هذا النظام وظلمه.. وكلهم أمل بمستقبل يمنح الكرامة والعدل لأبنائهم.. بمجتمع يخلو من الفساد والرشوة والظلم.. نعم هؤلاء هم الأبطال، الذين حملوا أرواحهم على أكفهم ونادوا حرية حرية..
ولكن كيف لمن رضع الظلم والوحشية منذ صغره أن يفهم مثل هذا الكلام؟! كيف له أن يفكر بمصلحة غيره وإسعاد شعبه وهو قد ورث كل الصفات اللإنسانية عن والده..؟!! فهو كالحيوان يمنع أي أحد من الاقتراب منه ومن كرسيه الذي قد ألصق به بعد والده وينوي أن يورثه لأولاده هو أيضًا..!! إياكم والاقتراب من سيادتي وعرشي.. سوف نضرب بيد من حديد.. هذا ما رد به بشار على شعبه..!
سقط الشهيد الأول ثم الثاني والثالث والعاشر والمئة والألف ووو… والعدد في تزايد مستمر..! حيث يخرج الأحباب ليودعوا الشهيد فسرعان ما ينهال عليهم شبيحة الأسد بوابل من الرصاص، فيشيع الشهيد شهيدًا ويدفنه شهيدًا ويصلي عليه شهيد..!! ولم يكتف المجرمون بهذا الحد من العنف بل تعدوه إلى ظلم أكبر.. فحتى الشهيد لم يسلم منهم بعد موته فقد حرمه هؤلاء الحثالة من أبسط حق له علينا بتشييع يليق بمنزلته كشهيد..! فهو من ضحى بحياته لينير لنا دربنا،حيث يتم إجبار أهله على دفنه بشكل سري ودموعهم تنهال حزنًا.. فكيف سيودعونه من غير أن تصدح أصوات التكبير والزغاريد عاليًا في عرسه؟! وفي كثير من الأحيان يحتفظ الأمن بجثته عندهم لأيام وأسابيع قبل أن يسلموه لأهله..!! عدا ذلك عن قيامهم بدفن جسده الطاهر بأيديهم النجسة..!! ليخفوا عن أهله هول الإجرام والتعذيب الذي تلقاه قبل أن تعانق روحه السماء.. يا لهذا الحقد الأسود الذي امتلأت به قلوبهم..! قتلوه وسرقوه من أهله وصحبه..! منعوا تشييعه وأجبروهم على دفنه سرًا..!! وكذلك منعوهم من فتح بيوت للتهنأة بعريس الحرية.. ولم يكترثوا بمشاعر وألم الفراق الذي يعتري أهله فكثيرًا ما كانوا يقتحمون بيوت العزاء ويفرغون حقدهم بزخ الرصاص على المعزيين..!!
فعلى هذه الشاكلة يعيش السوريين اليوم.. في سرية تامة ورعب دائم خوفًا أن تراهم أو أن تصل لهم يد الشر.. يخططون للمظاهرات والنشاطات ويجتمعون للتحضير لها (عالهسة)، تراهم شديدي الحذر دائمًا فعيون النظام منتشرة في كل مكان تراقبهم وترصد تحركاتهم لتكسب رضا أسيادها..!
عجيب أمركم يا مجرمون..! أوتعتقدون أن جبروتكم سيرهب الثوار ويردعهم عن إكمال درب الشهيد..؟! أوتظنون بمنعكم تشييعه أن رسالته لن تصل للعالم ! فافعلوا ما يحلوا لكم فلن تنجح كل أساليبكم الهمجية بقمعنا بل ستزيدنا إصرارًا على هدفنا فبغير حريتنا لن نرضى..