ضباط النظام يتقاضون 20 ألفًا لإعفاء الموظفين
الرشاوى تخترق دورات “الدفاع الوطني” في محافظة الحسكة
بهار ديرك – الحسكة
اخترقت الرشاوى والمحسوبيات دورات “الدفاع الوطني” في محافظة الحسكة، والتي غدت باب رزقٍ جديد لضباط النظام المشرفين على تلك الدورات، بعد إجباره موظفي الدولة في المحافظة، على الخضوع لدورات تحت ذريعة حماية المنشآت الحكومية، مهددًا من يرفض الالتزام بها بالفصل من عمله.
الملازم المجند في الفوج 154 (طرطب)، والذي (رفض كشف اسمه) أوضح لعنب بلدي أن ضباط الفوج يحصلون على رشاوى يدفعها الموظفون الحكوميون مقابل إزالة أسمائهم من قوائم الملزمين بالخضوع للدورات، ورفعها إلى المحافظة بهدف صرف رواتبهم المقطوعة منذ شهرين.
الملازم (ح ط)، وصف الفوج بأنه أصبح بازارًا للأسعار، “فمن يدفع مبلغًا يتراوح من 15 ألفًا إلى 20 ألف ليرة، يحصل على الإعفاء ويقبض راتبه في اليوم الثاني من مؤسسته التي يعمل فيها”.
سماسرة الضباط لاستلام المبالغ
الفني الصيدلاني ريزان محمود، العامل في مديرية الصحة في الحسكة، كان من بين الكثيرين ممن دفعوا رشاوى لحذف اسمه من القوائم، وقال لعنب بلدي إن اسمه كان ضمنها وهذا ما حرمه من الحصول على راتبه لشهر حزيران الماضي، إذ رفض المحاسب صرفه كونه لم يخضع للدورات بناءً على قرار المحافظ وفرع حزب البعث.
حصل محمود على رقم ضابط برتبة مقدم يدعى أبو يزن في الفوج من زميله في العمل، كما يقول، وأضاف أنه تواصل مع الضابط وطلب الأخير مبلغ 20 ألف ليرة سوري لإزالة اسمه.
ودفع خوف محمود من الذهاب إلى الفوج الاتفاق مع الضابط على تسليم المبلغ خارج “طرطب”، وأوضح الصيدلاني أن الضابط “سهل المهمة وأرسل أحد جنوده إلى حي الطي في القامشلي وهناك تسلم المبلغ وحصلت بعد يومين على راتبي”.
ورغم أن “أبو يزن” يعمل في الخفاء إلا أن بعض الضباط رعوا “بازارات” جماعية، وأوضح المدرّس في مديرية التربية بالحسكة، دهام مهدي، أنه اجتمع ومجموعة من زملائه مع نقيب من الفوج يدعى نزار، داخل مطعم في مدينة القامشلي.
مهدي قال لعنب بلدي إنه اتفق على أن يدفع كل مدرّس مبلغ 15 ألف ليرة سورية، لرفع أسمائهم من لوائح المجبرين على الخضوع للدورة، مشيرًا إلى أنه “أخبرنا النقيب أن قائد الفوج وهو برتبة عميد مشترك في تقاسم المبلغ”.
“بعثيون قدامى يخضعون للدورات“
ورغم أن معظم الموظفين يتفادون الخضوع للدورات ويدفعون الرشاوى هربًا منها، إلا أن بعض العاملين الحكوميين من أنصار النظام الحزبيين فضلوا المشاركة في الدورات، ليس تمسكًا بمنهاج الحزب بل لأنهم يحصلون على راتب 25 ألف ليرة سورية إضافة إلى راتبهم من وظيفتهم الحكومية، بعد الانتهاء من الدورة وفرزهم على حواجز النظام في الحسكة.
خالد حسين حمو، يعمل في مؤسسة الحبوب بالحسكة، قال لعنب بلدي إن جميع العمال في المؤسسة من البعثيين القدامى خضعوا للدورات، وهم يراجعون شهريًا المؤسسة لقبض رواتبهم الشهرية الخاصة بالدورات، مضيفًا “قبل الثورة كان هؤلاء عينًا للأمن السوري هنا، وفصل عشرات الموظفين نتيجة تقارير أرسلت من قبلهم إلى المخابرات السورية”.
موظفون يرفضون الرشاوى
ورغم أن بعض الموظفين لجؤوا إلى دفع المال مقابل الإعفاء من الدورات، إلا أن البعض فضّل الفصل من العمل على الخضوع ودفع المال لضباط النظام.
المهندس في دائرة النفط بالرميلان، محمد علوان، اعتبر في حديثه لعنب بلدي أن أرقام ضباط النظام عممت بين موظفي الدولة في الحسكة، وبإمكان أي عامل الاتصال ودفع رشوة مقابل تسجيل اسمه ضمن قوائم حاضري الدورات.
وفضّل علوان الفصل على دفع الرشوة “للنظام الذي تلطخت يده بدماء السوريين الأبرياء”، على حد وصفه، مشيرًا “لا أريد الوظيفة على حساب كرامتي وضميري لا يسمح لي بخيانة دماء إخواني”.
بدوره رفض المراقب الفني في وحدة المياه بالحسكة، جهاد قاسم، دفع أي مبلغ لضباط النظام، وقال لعنب بلدي إنه لدى مراجعة محاسب الإدارة نيسان الماضي علم أن راتبه لن يصرف باعتباره لم يخضع للدورات، مضيفًا “أخبرني أقاربي أن بإمكاني التواصل مع ضباط في الفوج لتعديل وضعي، ولكني رفضت لأني لن أسمح لنفسي بأن أكون من الخاضعين لدورات مرتزقة النظام”.
ولم يغب رأي السياسيين الأكراد في الحسكة عما يجري بخصوص الدورات، وقال عضو المجلس الوطني الكردي، شاهين ملا سعيد، لعنب بلدي إن النظام لعب على الوضع السيئ للعاملين الحكوميين ويحاول استغلالهم بطرق جديدة.
واعتبر ملا سعيد أن الهدف من الدورات، هو فتح باب الرشوة أمام ضباط النظام على حساب الشعب والموظفين الذين لا حول لهم ولا قوة، مشيرًا إلى أنه “في ظل الثورة أصبحت قيمة الضباط على المحك، وسعى كل ضابط في الفوج للحصول على مبالغ باهظة من الدورات لتساعده في البقاء على رأس عمله”.
وكان فرع حزب البعث في مدينة الحسكة أعلن عن تخريج أول دفعة من تلك الدورات، شباط الماضي، بحضور أمين فرعه في المدينة ومسؤولين أمنيين، وتستمر الدورات التدريبية 21 يومًا، يتدرب فيها المنتسبون على المهارات القتالية والأسلحة الفردية “لحماية المنشآت الخاصة والعامة”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :