عنب بلدي – العدد 66 – الأحد 26-5-2013
أمير – حمص
ﻻ تزال حمص تشهد كعادتها منذ بداية الثورة السورية أيام صعبة وتحديات جمّة، فلم يتوقف هجوم قوات الأسد على الأحياء الحمصية المحاصرة، بل امتد مؤخرًا لمنطقة البساتين في غربي مدينة حمص، وشهدت هذه البساتين اشتباكات عنيفة يهدف النظام من خلالها إلى الضغط على قوات الثورة السورية لخيارات محدودة.
تقوم قوات الأسد هذه الأيام بعملية عسكرية في منطقة البساتين الملاصقة لحي الوعر والقريبة من حيّ القرابيص، حيث تتواجد كتائب الثوار، مستخدمةً المدفعية الثقيلة وقذائف الهاون والدبابات.
ولهذه المنطقة أهمية استراتيجية تجعل كل من كتائب الثوار وقوات الأسد تتطلع لبسط نفوذها عليها، ولعل أبرز الأسباب الدافعة لكتائب الثورة هو تأمين حي الوعر ومنع قوات الأسد من محاصرته، واستهدافه انطلاقًا من هذه المنطقة، إذ تكمن أهمية حي الوعر بإيوائه عددَا كبيرًا من النازحين من أحياء أخرى، بالإضافة إلى كونه مأوى للناشطين في الثورة السورية والمُلاحقين من قبل مخابرات الأسد، ولربما بقي حي الوعر الوحيد بين الأحياء الحمصية التي تشهد شوارعها مظاهرات مناهضة لنظام الأسد، بعد أن خلت أحياء حمص القديمة من سكانها، وبعد سيطرة كتائب الأسد على باقي الأحياء الحمصية ومنع أي مظاهر للحراك المدني. إضافة لكل ذلك فإن الكثافة السكانية في هذا الحيّ ولجوء الكثير من أصحاب المهن الحرفية والتجارية إليه، جعله مركزًا تجاريًا وحرفيًا يؤمن الكثير من حاجات الأحياء الأخرى.
يتبع النظام في مدينة حمص سياسات وتكتيكات عسكرية طويلة الأمد، وقوة الاشتباكات التي جرت في بساتين الوعر تؤكد عزم النظام للسيطرة على هذه المنطقة ولو طال أمد صمود مقاتلي الثورة السورية، وهذا أيضًا يشكل عبئًا على مقاتلي الثوار في ظل ضآلة الموارد العسكرية مقارنة مع موارد النظام الغير محدودة؛ وبالتالي فإن التخوف حقيقي على مصير منطقة البساتين إن وقعت بأيدي قوات الأسد لأن ذلك يعني محاصرة لكتائب الثوار وللسكان المدنيين معًا في حي الوعر، وهذا يعرّض منطقة الوعر لمصير ﻻ يمكن لأحد أن يتوقعه، ويكفي ذكر أن الكثير من العائلات الحمصية قامت بمغادرة الحي حتى قبل تمكن النظام من اقتحام البساتين بشكل كامل، بسبب الأخبار التي تواترت عن قيام هذه القوات بإعدامات بحق عدد من المدنيين المتواجدين في أطراف منطقة البساتين.
إن سقوط بساتين حمص بأيدي قوات الأسد سيجعل مقاتلي الثوار بين خيارين، إما البقاء في حي الوعر وتعريض حياة مئات الألوف للخطر، أو الانسحاب من الحي وخسارة آخر حاضنة مدنية للجيش الحر في مدينة حمص.
كلا الخيارين يعتمدان على القدرات المتوفرة لدى الثوار، والفترة الزمنية التي يستطيعون الصمود فيها أو الانسحاب بعدها، وكلا الخيارين يؤديان لنتائج متلاحقة ﻻ يمكن لأحد أن يتوقع كيفيتها، ولا أثرها على مدينة حمص ومستقبلها وأمن سكّانها.