عنب بلدي – خاص
أطلق مؤسس حزب الله وأمين عامه السابق الشيخ صبحي الطفيلي دعوة للوصول إلى اتفاق بين المعارضة والواقفين على الحياد من كل الطوائف السورية، متعهدًا بالتزام المعارضة وتسهيل عملية التفاهم معها، بينما أكد أن قتال حزب الله إلى جانب النظام السوري سيدمره داخليًا، في الوقت الذي تعارض فيه الأغلبية الشيعية “سقوط حزب الله في المستنقع السوري”.
دعا الشيخ الطفيلي في لقاء خاص مع جريدة عنب بلدي يوم الأربعاء 22 أيار، في مقر إقامته في بعلبك اللبنانية أي فريق في سوريا “أراد الوقوف على الحياد” إلى الجلوس مع المعارضة وإبرام اتفاق معها، وتعهد بالتزام المعارضة بالاتفاق بقوله “أنا من جهتي أتعهد أن تلتزم المعارضة بذلك… هذا التعهد مبنيٌ على ثقتي بكلام بعض القيادات بالمعارضة”.
وأبدى الطفيلي استعداده لـ”تسهيل عملية التفاهم مع المعارضة السورية”، لكل إنسان أراد أن ينأى بنفسه عن الصراع، حتى “من كان منخرطًا في خدمة النظام لسبب أو آخر”، طالبًا من المعارضة أن تخاطب هؤلاء، وتؤكد لهم أنها جاهزة لتنفيذ “أي تفاهم يخرجهم من ساحة المعركة”.
وألقى الطفيلي اللوم على المعارضة السورية التي لم تتجاوب دعوته السابقة والتي “يبدو أن لديها مشكلات كثيرة “أهم من الثورة السورية”، وعبر عن رغبته بتسليط الضوء عليها مجددًا، حتى “نستطيع تشكيل عامل ضغط ونسحب هذه الورقة من يد المشاركين في سوريا دعمًا للنظام”، ودعا المعارضة لتقديم الضمانات و”كشف عورة ذاك الذي يدعي أنه يدافع عن نفسه” بينما هو في الحقيقة “يحمي النظام”.
مستقبل حزب الله والقرار الإيراني
وأجاب الطفيلي عن مستقبل حزب الله وقاعدته الشعبية، بأنه انحرف عن مسار المقاومة بـ “أوامر إيرانية غير قابلة للنقاش”، وأضاف أنه “مطمئن بأن مشروع القتال في سوريا… سيدمر حزب الله من الداخل”، نتيجة رفض الأغلبية الشيعية “سقوط حزب الله في المستنقع السوري”، ورفض “المشاركة إلى جانب بشار في الصراع من داخل الحزب”، مشيرًا إلى الدعم المالي الإيراني وهو “عصب الحزب الأساسي”، وتحدى الشيخ أن تستطيع إيران أن “تأخذ مقاتلًا واحدًا إلى سوريا”، لو فرضنا أنها أوقفت دفع الأموال للحزب، إذ سيعاني مقاتلو الحزب من تامين متطلبات حياتهم في ظل الركود الاقتصادي اللبناني.
واستنكر الشيخ سياسات النظام الإيراني في المنطقة، وأعاد سبب مشاركة الحزب في القتال إلى صف نظام الأسد إلى النظام الإيراني صاحب القرار، “نعم هناك لبنانيين متواطئون، هناك لبنانيون مشاركون، هناك لبنانيون ينفذون، لكن القرار إيراني”.
وعن احتمالات التغيير في السياسات الإيرانية بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة، أكد الطفيلي بأن الحاكم الحقيقي هناك ليس رئيس الجمهورية، إنما هو “موظف لا يقدم ولا يؤخر… السلطات والصلاحيات الحقيقية هي بيد القائد الولي الفقيه”، وبما أن الولي الفقيه “حتى الآن ثابت لا يتغير، فلن يكون هناك تغير في سياسة إيران”، مشيرًا إلى استبعاد الشيخ هاشم رفسنجاني الذي يمكن أن يؤثر ويحدث نوعًا من التغيير، إذ منع من الترشح بحجة التقدم في السن، متسائلًا عما إذا كان هذا القرار يجب أن “يسحب على من هو كبير بالسن أيضًا، وهو خامنئي”.
حرب حزب الله إثم وحرام
وأوضح الشيخ أن الإيرانيين ومن يجاريهم من اللبنانيين يدركون عن قناعة “أن هذه الحرب إثم، وأن هذه الحرب حرام، لكنهم يرغبون بها”، لذلك عمدوا إلى إعطائها نوع من الشرعية، فلم يجدوا إلا أن يصوروا سيارة إسرائيلية، ويذيعوا أسماء يهودية وجدت في القصير”، وقال ساخرًا: “يجب علينا أن نشكر النظام الإيراني، الذي أوضح لنا أن إسرائيل تحتل القصير بعد قناعتنا ل 65 سنة بأن اسرائيل تحتل فلسطين… خدمة جلية نشكر عليها المال الطاهر الإيراني”.
وعن فتواه بأن من يقتل في سوريا ليس شهيدًا، أجاب الطفيلي بالقول «وهل الذي يقتل مسلمًا يكون شهيدًا… من جهتي أرى واجبي الشرعي أن أقف في وجه الجريمة التي ترتكب، وأعمل على إسقاط مشروع الفتنة ما استطعت إلى ذلك سبيلا»، وأكد على أثر هذه الفتوى في شباب الحزب وأنه «امتنع الكثير منهم عن المشاركة في القتال، كما يدرك الكثير منهم أن ما يفعلونه لا يرضى الله جل وعلا… وهذا يؤثر على حجم المشاركة وطريقة المشاركة».
ولم يخفِ الطفيلي مخاوفه من بعض تجاوزات الثوار، التي تستهدف «مشروع الأمة»، مشيرًا إلى بعض المخالفات التي ظهرت في صفوف المعارضة المسلحة أو غير المسلحة والتي «تنحر المقاومة والمعارضة» وأنهم بتصرفاتهم «ينحرون سوريا ومستقبلها ووحدة الأمة»، وتساءل الشيخ «ماذا يميزنا عن بشار إذا كنا نفعل كما يفعل بشار؟»
يجب أن يقتنع العلوي بكم
وخاطب المعارضة بالقول: «احرصوا على مقاومتكم، احرصوا على معارضتكم، يجب ان يقتنع العلوي بكم… أنا أحمي سوريا وأحمي وحدتها ليس بحمل السلاح وقتل العلوين أو غيرهم، أحمي سوريا بأن أفرض على الجميع أنني فعلًا الضمانة لسوريا الضمانة للعلوي والمسيحي… وكل الناس»، ونصح الثوار بالصبر والمحافظة على مبادئهم وقيمهم ليصلوا إلى أهدافهم، وأن يستوعبوا الجميع إذ قال: «حتى أكون ضمانة يجب أن اتعالى عن جراحي، وأن أثبت أنني قادر أن أضغط على آلامي، وأن أكون الأم الحقيقية للجميع… المقاوم هو أم حقيقية حتى لعدوه، هذا أمر يجب أن يفهمه الجميع».
تقسيم سوريا، منطق جريمة
وحذر الشيخ من تهديد الأسد لتقسيم سوريا، ووصفه بمنطق الجريمة: «تهديد لعزل منطقة الجبل وتشكيل كيان سياسي مستقل… هذا منطق جريمة تمامًا»، لكنه حرّم على أي إنسان في سوريا أو خارجها، سوري أو عربي أو مسلم أن يسمح لنفسه أن يفكر بإمكانية نجاح هذا المشروع، مهما كانت النتائج ومهما كانت الكلفة، ومهما طالت الأزمة… يجب أن يكون لدينا إصرار كامل متناهي لا يقبل الجدل ولا النقاش ولا الأخذ والرد، إن هذا الأمر يجب أن لا يتم حتى لو فنينا جميعًا»، ووجه كلامه إلى ثوار القصير المدينة -التي تقف في وجه مشروع التقسيم- «أقول لإخواننا المجاهدين والطيبين والشرفاء لا تتذمروا لا تصرخوا لا ينفذ صبركم تحملوا، يجب أن يسقط مشروع التقسيم في سوريا…»، مضيفًا إلى استطاعة المقاتلين فيها أن «يدافعوا عنها سنة، مع التصميم والتفكير الصحيح والعمل… ليس من باب رفع المعنويات بلا فائدة، بل أتحدث عن خبرة».
رسالة إلى الثوار
وفي رسالة وجهها الشيخ إلى الثوار في الداخل عبر عنب بلدي قال الطفيلي: موجهًا حديثه إلى اليوم الشباب بشكل أكبر لأنهم مكنة المعارضة ومكنة السلاح، «السلاح وحده لا ينفع… السلاح بيد أحمق أو جاهل ناب ومخلب للقتل، قد يقتل أباه وأمه ويقتل وطنه ويقتل أمته وهو لا يعرف»، مركزًا على ربط السلاح بالعلم والوعي، إذ قال «السلاح يجب أن يقترن بالوعي والفهم والإدراك ومعرفة الامور، وعلى المسلح أن يعرف بالتفصيل عن بلده وعن معركته وعن أعدائه وعن خصومه وعن حلفائه، ويجب أن يعرف أن هذا الفعل أو ذاك يضره او ينفعه حتى يكون عمله نافعًا».
وحذر أيضًا من بعض مسلحي المعارضة «هم أشد إيلامًا وأذى للمعارضة، من بشار وجنوده وشبيحته»، مؤكدًا استخدامهم من دول «لإيذاء المعارضة، ومنع سوريا من أن تنتصر»، دافعةً الكثير والكثير من أموالها.
وشدد على أن التصرفات التي يقوم بها هؤلاء «يعطي انطباع بأنني عدو كل السوريين الآخرين غير المجموعة التي انتمي إليها، عدو المسيحي والدرزي والكردي والعلوي، وربما يكون اعدائي من السنة… إذا كيف أكون الحاضنة لكل الشعب السوري؟».
وربط انتصار الثوار في سوريا بانتصار الأمة أجمع «إن نجحت سوريا نجحنا جميعا من شمال افريقيا إلى آخر الدنيا، وإن سقطت سقطنا جميعًا»، ولفت انتباه الشباب إلى أن سوريا «هدف للإسرائيلي وللأمريكي وللروسي وللغربي وللشرقي ولدول كثيرة ولمال نجس كثير»، وحذرهم من فتنة يجلبها المال وإلى ضرورة التوحد بقوله «احذروا الفتنة فيما بينكم، توحدوا، لا يجوز أن تبقى فصائل المقاومة السورية ممزقة يجب أن تلتقي وتشكل بنيانًا واحدًا، وأن تلتقي كلها على يد واحدة، لا يخدعنكم المال، ولا يجركم مال إلى فتنة».