تنظر القوى العسكرية المسيطرة على الأرض إلى الواردات والصادرات من مناطق سيطرتها على أنها أبواب “استرزاق”، يمكن أن تنظر إليها باهتمام وتسعى لتنميتها من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من المداخيل، لكن ما أكده مزارعون في إدلب وريف حلب لعنب بلدي كان مغايرًا لحال المزارعين في ريف الحسكة ومناطق سيطرة الوحدات الكردية والنظام في آن معًا، حيث “لا تتدخل قوات المعارضة السورية في العملية ولا تفرض أتاوات، وتترك للفلاح والمزارع حرية التنقل والعمل”، كما يقول رئيس غرفة زراعة إدلب، عبدو حميدي.
ونفس الرأي يؤكده أحمد شحادة، عضو مجلس محافظة حلب ومدير المكتب الزراعي، الذي يتولى إدارة الملف الزراعي في المحافظة، على أن الفصائل العسكرية في ريف حلب والمدينة لا تتدخل في عمل المجلس ولا سلطة لها على الفلاحين بالمطلق، بل على العكس تساعد الفصائل العسكرية المجالس والفلاحين على حماية مخازنهم من المحاصيل، ويوضح أن مجلس المحافظة يشرف على عمل المزارعين ويقدم لهم الدعم، ويمكن القول إن طبيعة العمل في مناطق ريف حلب وإدلب تكون وفق معادلة أن “الإدارة مدنية والحماية عسكرية”.
المنظمات الإغاثية تقضي على المؤسسات الزراعية البديلة
يتفق عدد من العاملين في المجال الزراعي والإداريين الذين قابلتهم عنب بلدي على أن الحكومة المؤقتة ومعها الائتلاف لم يبذلا الجهود الكفيلة بتشكيل كيانات إدارية تشرف على العمل الزراعي في المناطق المحررة، وتركت لجهات أخرى المجال لتملأ الفراغ، فكانت المنظمات الإغاثية اللاعب الأبرز على الساحة، فهي من يتواصل مع الفلاحين ويمدهم بالمستلزمات الزراعية من بذار وأسمدة وغيرها، لكن دون وجود قاعدة إحصائية أو خطة محددة الأهداف والغايات للفلاحين المستهدفين وأماكن وجودهم، وغير ذلك من المعلومات، التي بتوفرها تتضح معالم الخريطة الزراعية في المناطق المحررة.
ويلوم مدير عام مؤسسة الحبوب، حسان المحمد، جهات المعارضة السورية لعدم سعيها لتأسيس مؤسسات إدارية خدمية تخدم المواطنين، وبالتالي تحقق الاستدامة، وتشارك في الحصول على الدعم الدولي الموجه للمنظمات غير الحكومية، والتي يعتبر أن لها أجندات خاصة، وتعمل على حساب الشعب السوري.
ويرى المدير العام، في حديثه لعنب بلدي، أن آلية عمل المنظات في المناطق المحررة، والتعامل دوليًا معها كبديل عن مؤسسات المعارضة الرسمية “نشر ثقافة التسول والكسل والاعتماد على الآخر، وذلك عبر توزيع سلل غذائية للمواطنين فقط، دون أن تساعدهم في توليد فرص عمل لسد الاحتياجات”، في وقت لم ينبرِ أحد من المعارضة السورية السياسية لمعالجة هذه المشكلة، ولم يقم بهذا الدور أي من الائتلاف أو الحكومة وكذلك المؤسسات العامة.
وبعيدًا عن ذلك، ساهمت السياسات التي اتبعتها المنظمات الإغاثية، المهتمة بالتعاون مع الفلاحين، في زعزعة نظرة المواطنين في المناطق المحررة لمؤسسات الدولة الوليدة، مثل “المؤسسة العامة لإكثار البذار”، واتهم مديرها العام، معن ناصر هذه المنظمات بمنافسة المؤسسات الحكومية الرسمية، والتي يفترض أن تدير أمور المزارعين وتهتم بها وتجد حلولًا لمشكلاتهم، ويتجلى ذلك بطريقة تقديم الدعم للفلاح.
فعلى سبيل المثال، تقدم مؤسسة الحبوب البذار بسعر تشجيعي ومنافس وأقل من السوق السوداء، ثم تأتي منظمة ما، وتوزعه مجانًا دون أي مقابل، فينظر المواطن إلى المؤسسة الحكومية على أنها فاسدة وتريد سرقة المواطن، والحقيقة هي أن المؤسسة بحاجة إلى دخل من أجل الديمومة والاستمرار وهي غير ربحية ولا تهدف للربح أصلًا.
مطالب بسنّ قوانين لتنظيم عمل المنظمات في المناطق المحررة
تشتيت الدعم وعدم اعتماد “روزنامة زراعية” موحدة، وخطط محكمة من قبل المنظمات الداعمة للمزارعين في المناطق المحررة، أدى إلى تفاوت الإنتاج وإلى تضارب المصالح بينها وبين مؤسسات رسمية ومجالس محلية تعمل على دعم القطاع الزراعي، ولمواجهة ذلك برزت الحاجة لضرورة اعتماد قوانين تصكها الجهات الرسمية ممثلة بمجالس المحافظات والمجالس المحلية في المناطق المحررة لتنظيم عمل هذه المنظمات، كما يطالب رؤساء عدد من المجالس المحلية والمزارعين والخبراء العاملين في الحقل الزراعي، لكن أصواتًا أخرى ترفض هذا الطرح لأن المزارعين السوريين بحاجة للدعم مهما كان مصدره خلال هذه الفترة، من أجل الاستمرار بالزراعة.
تابع قراءة الملف الموسع: زراعة سوريا.. “قاطرة نمو” ترجع إلى الخلف
الزراعة السورية.. تتحول من باب للاستثمار إلى سبيل للبقاء
سوريا وإفريقيا.. خطط دولية لإفقار الشعب السوري
انتعاش التجارة بين “الدويلات”السورية وتسلط العسكر على الفلاحين
الزراعة في مناطق المعارضة.. “إدارة مدنية وحماية عسكرية”
منظمة الـ “FAO” ترفض التعامل مع المعارضة كليًا وتخصص الدعم للمنظمات
المناطق المحاصرة.. بيع البذار بـ “الحبة” وانتعاش السوق السوداء
النظام ينهي الزراعة في داريا بعد السيطرة على 300 دونم من أراضي المدينة
شبح حصار مدينة حلب يدفع الأهالي لزراعة الأحياء السكنية
حي الوعر الحمصي.. زراعة الحدائق وشرفات المنازل من أجل البقاء
محصولا القطن والشوندر السكري ينقرضان في إدلب
محافظة حلب: زراعة القمح تدهورت والقطن انقرض
صراع بين النظام والمعارضة على ما بقي من قمح سوريا.. من يدفع أكثر؟
“نقص السيولة” يهدد “مؤسسة إكثار البذار” بالتوقف نهائيًا
مجلس محافظة حلب يستثمر أراضي مركز “إيكاردا”
درعا: أسواق الهال تتحول إلى مراكز تجميع خردة.. والفلاحون بلا أراضي
زراعة العنب ومشاتل الورود تتوقف في داريا.. والتفاح يتراجع في القلمون
تأسيس أول معهد أكاديمي في المناطق المحررة لتعليم “التكنولوجيا الزراعية”
النظام “يكسر الحصار”ويستأنف تصدير التفاح والحمضيات
استطلاع رأي: الزراعة ستستمر لأنها قوت غالبية السوريين
بعد تلاشي وزارة الزراعة المؤقتة.. مكتب التعاون الزراعي “أول كيان مؤسساتي”لدعم الفلاح السوري