ظروف الحرب، والاقتتال، وأعمال العنف التي امتدت على معظم الأراضي السورية، وخاصة في الأرياف وخارج مراكز المدن الكبرى حيث تتركز الزراعات الكبيرة، (القمح والشعير والقطن)، في أرياف حلب ودرعا والحسكة ودير الزور، منعت أي فرص لبقاء هذه الزراعات أو استمرارها، وأصبحت المساحات الشاسعة الخصبة، قاحلة، وفي مرمى القناصة، وتحت نيران الطائرات، وتحولت إلى خطوط جبهات جعلت من المستحيل على الفلاحين الاقتراب منها والعمل فيها، ليس هذا فحسب، بل جلب تراجع الليرة وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج “الويلات” على من تبقى من المزارعين، بسبب غلاء مستلزمات الزراعة، وندرة توفرها، وانتعاش السوق السوداء و”تغوّل” التجار والسماسرة الباحثين عن الأرباح مهما كان السبيل إليها، فتشوهت قواعد العرض والطلب في السوق الزراعية، وأصبح المزارع في وضع لا يحسد عليه، ومع هذا بقي هناك من يزرع ولو بالحدود الدنيا من أجل البقاء على قيد الحياة.
قبل العام 2011، ورغم عدم إيلاء الحكومات السابقة الاهتمام الكافي للقطاع الزراعي، لجهة تشجيع أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار في هذا القطاع، حافظت الجهود الفردية وتأسيس عدد من الشركات الزراعية العامة في سوريا على الاستثمار في هذا المجال وسعت إلى تطويره، وإن لم يكن بالشكل الذي يعبر عن الاقتصاد السوري بشكل حقيقي، ويستدل على ذلك من خلال عدد الشركات المستثمرة في المجال الزراعي والمدرجة في بورصة دمشق، وعددها شركة واحدة فقط هي الشركة الهندسية الزراعية للاستثمارات (نماء)، في حين أن عدد الشركات الزراعية يجب أن يكون أكثر من ذلك، إذا ما قورن بحجم مساهمة الزراعة في الدخل القومي.
ومع ذلك استمرت المحاصيل الزراعية بتحقيق أرقام كبيرة، مدفوعة بدعم محلي حكومي في مجال تأمين مستلزمات الزراعة بأسعار مدعومة، لكن بعد اندلاع الثورة تغير الوضع بشكل كبير، وقطعت حكومة النظام إمدادات الدعم الزراعي عن مناطق خارجة عن سيطرتها، وحاربت الجهات الداعمة، وعملت قوات النظام على تدمير البنية التحتية الزراعية عبر قصف صوامع الحبوب والسدود والمحالج وشركات الإنتاج الزراعي ومعامل الكونسروة والسكر واستهدفت القوافل.
وهنا تحولت الزراعة على مستوى سوريا الخارجة عن سيطرة النظام من مشاريع زراعية على مستوى الدولة أو تدعمها الدولة إلى مشاريع “الأسرة الواحدة” أو الفرد، هدفها تحصيل “قوت اليوم” ومن أجل بقاء المزارعين على مستوى الأفراد على قيد الحياة، بعدما ارتفعت معدلات البطالة إلى مستويات قياسية، بلغت 90% في ريف حلب، وفق مصعب الخلف، مسؤول المكتب الزراعي في مجلس المدينة، وهذا أدى إلى اضطراب إمدادت الغذاء لمعظم السكان المحليين، وخلق حاجة لمزاولة أي عمل من أجل كسب المعيشة اليومية، فانتشرت أعمال الاستغلال والابتزاز.
وكل هذا وسط غياب الجهات الداعمة والمشرفة على العملية الزراعية في المناطق المحررة الممثلة بالحكومة المؤقتة والائتلاف الوطني، كما يقول عدد من الخبراء الزراعيين ومديرو المؤسسات الزراعة البديلة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام لعنب بلدي.
تابع قراءة الملف الموسع: زراعة سوريا.. “قاطرة نمو” ترجع إلى الخلف
الزراعة السورية.. تتحول من باب للاستثمار إلى سبيل للبقاء
سوريا وإفريقيا.. خطط دولية لإفقار الشعب السوري
انتعاش التجارة بين “الدويلات”السورية وتسلط العسكر على الفلاحين
الزراعة في مناطق المعارضة.. “إدارة مدنية وحماية عسكرية”
منظمة الـ “FAO” ترفض التعامل مع المعارضة كليًا وتخصص الدعم للمنظمات
المناطق المحاصرة.. بيع البذار بـ “الحبة” وانتعاش السوق السوداء
النظام ينهي الزراعة في داريا بعد السيطرة على 300 دونم من أراضي المدينة
شبح حصار مدينة حلب يدفع الأهالي لزراعة الأحياء السكنية
حي الوعر الحمصي.. زراعة الحدائق وشرفات المنازل من أجل البقاء
محصولا القطن والشوندر السكري ينقرضان في إدلب
محافظة حلب: زراعة القمح تدهورت والقطن انقرض
صراع بين النظام والمعارضة على ما بقي من قمح سوريا.. من يدفع أكثر؟
“نقص السيولة” يهدد “مؤسسة إكثار البذار” بالتوقف نهائيًا
مجلس محافظة حلب يستثمر أراضي مركز “إيكاردا”
درعا: أسواق الهال تتحول إلى مراكز تجميع خردة.. والفلاحون بلا أراضي
زراعة العنب ومشاتل الورود تتوقف في داريا.. والتفاح يتراجع في القلمون
تأسيس أول معهد أكاديمي في المناطق المحررة لتعليم “التكنولوجيا الزراعية”
النظام “يكسر الحصار”ويستأنف تصدير التفاح والحمضيات
استطلاع رأي: الزراعة ستستمر لأنها قوت غالبية السوريين
بعد تلاشي وزارة الزراعة المؤقتة.. مكتب التعاون الزراعي “أول كيان مؤسساتي”لدعم الفلاح السوري