عندما تذكر أمامنا حمص، نذهب بخيالنا فورًا إلى باباعمرو والخالدية والعديد من المناطق فيها.. فإلى الجنوب الغربي من مدينة حمص وبمسافة تبعد بضعة كيلومترات عنها نجد حي باباعمرو القريب من نهر العاصي والذي تبلغ مساحته مع الأحياء المجاورة له قريبًا من 12 كم مربع وعدد سكانه أيضًا مع الأحياء المجاورة قرابة الـ 100,000 نسمة..
هناك حيث الأرض بجمالها وطبيعتها الخلابة، وأينما ذهبت تلمح روح الدعابة والطيبة في قلوب أهلها، بالإضافة إلى النخوة والشجاعة التي تعتبر من صفاتهم المميزة، هناك باباعمرو.. ذاك الحي الذي أثبت شجاعة لا مثيل لها ونبع منه الأبطال وسطرت فيه البطولات..
نالت حمص الحصة الأكبر من بطش الظلام.. وبالتحديد حي باباعمرو، الذي عانى أهله من هجمات شرسة من النظام الأسدي.. حيث استخدم لقمعهم أسلحة ثقيلة ومتوسطة، وأذاقهم شتى أنواع العذاب من قتل وتشريد وحرمان ورعب دائم…! هذا الظلم لم يردعهم بل خرج منها الأبطال، أمثال خالد أبو صلاح وكثيرون غيره.. الذين تحدوا رصاص المجرمين بصدورهم العارية..! تراهم يتنقلون من مكان إلى آخر في حمص الحبيبة لمدّ يد العون لأهلهم.. كما ولا يخفى علينا دورهم في نقل الحقيقة للإعلام وكشف زيف رواية النظام السوري..
عانت باباعمرو من حصار دام 27 يومًا.. كان حصارًا خانقًا، حيث أبدع النظام في معاقبة سكانه من قطع للكهرباء ومنع المعونات وتجويعهم وإمطارهم يوميًا بوابل من القذائف التي ما إن خرجت من فوهة المدفعية حتى أحدثت دمارًا هائلًا، وتسببت بقتل المئات من النساء والأطفال والرجال.. فقدت باباعمرو الكثير من أهلها ونزح منها معظم سكانها..! أينما مشيت فيها تجد دمارًا عاثه هؤلاء القتلة، تنبعث منها رائحة أذكى من المسك، هي رائحة دم الشهداء الطاهر.. أبادوها عن بكرة أبيها وجعلوها مدينة الأشباح لا روح فيها.. يخيل إليك عندما تمشي في شوارعها أنك تسمع صوت أنين الجرحى وبكاء الأطفال..! تسمع أصوات التكبير التي تصدح عند تشييع الشهداء..! ولكن هل مُحيت باباعمرو من على الخارطة؟؟!!
صحيح أن منازلها دمرت وأهلها قتلوا وشردوا ولكنها ما زالت تنبض فينا.. وصل اسمها إلى كل أرجاء العالم..
باباعمرو لم تمت بل حيت من جديد..! حيث أوصلت إلينا رسالة بصمودها ومقاومتها وقصص تضحياتها.. زودتنا بالصبر.. علمتنا معنى التكافل والإصرار على الهدف حتى آخر قطرة دم… سنعمرها بسواعدنا ومحبتنا ونعيد إليها الحياة والبسمة التي سرقها هؤلاء الوحوش… شكرًا لكم فبإجرامكم أحييتم فينا الحرية والكرامة المدفونة منذ سنين.. شكرًا لكم فرصاصكم لم يقتل سوى الخوف فينا..! ومهما قتلتم منا سيخرج المزيد من الأبطال… فكل ليمونة ستنجب طفلًا.. ومحال أن ينتهي الليمون..
حذف المحفوظات
في متصفح غوغل كروم
GoogleChrome