عنب بلدي – العدد 64 – الأحد 12-5-2013
أمير – حمص
لطالما نبّه الثوار السوريون إلى مخططات تقسيم يجري التحضير لها في سوريا على أساس طائفي، وفي المقابل، لطالما نفى نظام الأسد أي مسعى تقسيمي. إذًا فالتساؤل قائم عن حقيقة هذه التحذيرات وعن دقتها!.
إن الواقع على أرض حمص يعطي إشارات دقيقة وراسمة للصورة التي من الممكن مشاهدتها في مرحلة ما، فلقد قامت قوات الأسد ببناء جدران عازلة لعدد من أحياء الحمصية عن الأحياء الأخرى، فجرى عزل حيّ الإنشاءات بجدران إسمنتية عن حيي الغوطة والحمراء، في حين بقي الحيين الأخيرين بدون عزل بحكم قربهما من حي القرابيص حيث يتواجد مقاتلي الثورة، وقامت قوات الأسد بتأمين أحياء أخرى مثل حي المحطة وحي كرم الشامي القريب لكل من جامعة حمص وحي عكرمة الموالي لنظام الأسد، في حين يتهاون النظام مع حي الوعر حيث يتواجد عدد ضخم من سكان حمص المهجّرين والموالين للثورة، ويتواجد فيه أيضًا عدد ﻻ يستهان به من المقاتلين المحسوبين على الثورة السورية مع ملاحظة أن هذا الحي يعتبر منفصل تمامًا عن أي أحياء أخرى لما يحيط به من البساتين الزراعية. أما بعض الأحياء كحي مساكن الادخار ومنطقة الثامن من آذار والتي تشهد اختلاطًا وتعايشًا بين المؤيدين للثورة والمؤيدين للأسد، فتبقى تحت سيطرة قوية من قوات الأسد.
حيّ البياضة تم تهجير أهله من سكّانه وهو الحي القريب لحي الخالدية من جهة، ومن جهة أخرى من حي الزهراء حيث يقطن الموالون للأسد، فإن قوات الأسد تسيطر عليه بشكل كامل.
إضافة لذلك فإن من المهم التذكير بأن جميع المقار المخابراتية الأسدية تتوضع في أحياء معروفة بمعارضتها للأسد مثل كرم الشامي والإنشاءات والحمراء، ويمكننا أن نستثني فرع المخابرات الجوية الذي يتوضع الآن في منطقة الاشتباكات قرب حي القصور، وتدور أحاديث لم يتم التأكد من دقتها بعد عن نية النظام نقل هذا الفرع باتجاه حي الميدان الذي يسكنه مؤيدون للثورة ويسيطر عليه النظام بالكامل. وقام النظام من قبل بنقل جميع الدوائر والهيئات الحكومية إلى حي الزهراء وعكرمة حيث يسكن هذه الأحياء الموالون للأسد.
بنظرة شاملة للمناطق التي تمّ ذكرها، نجد أن نظام الأسد يُعِد لمنطقة متصلة في حمص تخضع لحكمه إذا ما وجد نفسه مضطرًا للتخلي ـ ولو مرحليًا ـ عن السيطرة على باقي أحياء حمص المدمّرة والخاضعة لسيطرة كتائب الثوار، حيث تمتد المنطقة المتصلة هذه من الجنوب الغربي لحمص (الإنشاءات وباباعمرو) مرورًا بحي كرم الشامي وبحي الخضر الذي يسكن فيه مؤيدون ومعارضون لنظام الأسد، باتجاه الشرق حيث تتواجد أحياء النزهة والزهراء، امتدادًا لجنوب حمص حيث أحياء عكرمة ومساكن الادخار والثامن من آذار.
لكن الملفت طبعًا في هذا التقسيم أنه ﻻ يقوم على أساس طائفي، فأحياء مثل الإنشاءات وكرم الشامي يسكنها مسلمون عُرفوا بمشاركتهم بالمظاهرات المعارضة لنظام الأسد، وهذا يطرح تساؤﻻً عن دقة وصف بعض ناشطي الثورة السورية للطبيعة الطائفية لتقسيم مدينة حمص. والتساؤل أيضًا عن دافع النظام لسيطرته على مناطق معروفة بمعارضتها له.
أما مخطط التقسيم فلا أحد يستطيع نفي وجوده، لكن لربما هو مخطط فصلي أكثر منه تقسيمي، حيث تُفصل المناطق الخاضعة لسيطرة كتائب الأسد عن الأحياء الخاضعة لسيطرة كتائب الثوار.