عنب بلدي – العدد 64 – الأحد 12-5-2013
هوشيار – قامشلو
الإنسان كائن متعدد الأبعاد، بين الروح والنفس والجسد، لكل منها قوانين ومهام وخصوصية، وكل بعد يؤثر ويتأثر بالأبعاد الأخرى سلبًا وإيجابًا، فبمجرد ما يتأثر البدن نستطيع أن نلاحظ بسهولة التعابير الدالة على ذلك في وجه الإنسان وجسده، والعكس صحيح، فعندما تتأثر النفس مثلًا يرتد الأمر على الجسد بأعراض ومؤشرات مختلفة كثيرة ضمن ما يسمى بالأعراض السايكوسوماتية، أشهرها الصداع، وتتنوع هذه الأعراض من فرد لآخر حسب الاستعداد الفسيولوجي.
نستطيع أن نقول أن في سوريا اليوم أكثر من مسار يؤثر على سير حياة الإنسان، فبجانب الوضع الأمني والقتل والاعتقاد يوجد تردي الوضع المعيشي والإنساني، ابتداءً من فقدان المواد وشحها إلى انقطاع وسائل الطاقة والكهرباء والمياه.
الجلوس في عتمة الليل مع استمرار انقطاع الكهرباء يولد بشكل تلقائي هبوطا في المزاج وشعورًا بالكآبة، نظرًا لسيطرة السواد والظلام موازيًا مع انقطاع وسائل الاتصال والانترنت وبالتالي الانقطاع عن العالم الخارجي.
أيضًا وجود حركة مستمرة من أجل تأمين وسائل العيش الأساسية المفقودة تخلق مع مرور الزمن قلقًا وشعورًا بالتوتر يضاف إلى الشعور المستمر بالخوف على الذات والآخرين من الخطر المحدق، تحالف تبعات وآثار هذين المسارين قد يصل بالإنسان إلى حالة من الاستنزاف والإحساس بالضغط النفسي (Stress) الذي قد يترجم إلى مشاكل أو اضطرابات على الصعيدين النفسي والجسدي.
تعامل الإنسان مع ظروف قاسية خارج إرادته، يفرض عليه تشكيل وسائل خاصة به «تخفف» من تبعات وقائع ليست من صنعه، فالمظلة تستخدم لتقلل من تأثير المطر علينا دون أن توقف هطول المطر أو تنهي تأثير المطر بشكل شامل، لذا فالإنسان محكوم بأن يكيف طرقًا تتلائم مع خصوصيته، بحيث يستطيع بها أن يفصل قدر الإمكان تحالف المسارات وتأثيرها، وذلك بالتركيز على جعل نمط وسير الحياة أقرب لشكلها الطبيعي من الشكل المتوتر المتصارع.